المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

422

وممّا ذكرنا يظهر: أنّ استحالة الدور لا تختصّ بجانب الوجود بل تجري في جانب العدم أيضاً؛ لما عرفت من أنّه ليست الاستحالة في وجود ما توقّف على نفسه، بل الاستحالة في نفس علّيّة كلّ منهما للآخر بحسب نظام العلل وترتيبها بلا فرق بين جانب الوجود والعدم، فما ذكره من الدور في جانب وجود الإطلاق ـ بدعوى أنّ الإطلاق في كلّ طرف متوقّف على عدمه في الطرف الآخر وبالعكس ـ يأتي في جانب عدمه أيضاً؛ إذ عدمه في كلّ طرف متوقّف على وجوده في الطرف الآخر وبالعكس.

والتحقيق في حلّ المغالطة: أنّ الإطلاق في كلّ طرف وإن كان معلولاً لعدمه في الطرف الآخر أو معلولاً لما يلازمه(1) ـ وهو الصحيح كما سيظهر ـ لكن هذا العدم عبارة عن عدم الإطلاق الشأنيّ، فإنّ الإطلاق في كلّ طرف بوجوده الشأنيّ ـ أي: بصدق أنّه لولا الإطلاق في الطرف الآخر لتمّ هذا الإطلاق ـ يكون مانعاً عن الإطلاق في الطرف الآخر، فنقول مثلاً: إنّ الإطلاق الشأنيّ في كلّ طرف علّة لعدم الإطلاق الفعليّ في الطرف الآخر، وعدم الإطلاق الشأنيّ في كلّ طرف علّة للإطلاق الفعليّ في الطرف الآخر، وهاتان العلّيّتان ليستا دوراً؛ لاختلاف طرفيهما.

وبكلمة اُخرى: إنّه(قدس سره) لو أراد تصوير الدور في الإطلاق الشأنيّ في كلّ طرف قلنا: إنّ ما يتوقّف على هذا الإطلاق غير ما يتوقّف عليه هذا الإطلاق، فإنّ الأوّل هو عدم الإطلاق الفعليّ في الطرف الآخر، والثاني هو عدم تماميّة مقدّمات الحكمة في ذاك الطرف في نفسه مع قطع النظر عن الطرف الآخر.

وإن أراد تصوير الدور في الإطلاق الفعليّ في كلّ طرف، فإنّه وإن كان متوقّفاً على عدم الإطلاق الشأنيّ في الطرف الآخر لكن لا عكس فلا دور؛ لأنّ عدم



(1) وهو عدم العلم الإجماليّ بكذب أحدهما.