المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

355

وقد اتّضح بهذا البيان الفرق الكامل بين ما لو كان الدليل دالّاً على الجامع وثبت انتفاء أحد فرديه فهنا يثبت الفرد الآخر بلا إشكال، وبين ما لو كان الدليل مجملاً بين معنيين وأصالة الجهة انصبّت لإثبات جدّيّة أحد المعنيين المعيّن عند الله والمردّد عندنا.

وإن أردت التوضيح بذكر مثال آخر قلنا: لو قامت البيّنة مثلاً على نجاسة أحد الإنائين وعلمنا بطهارة واحد معيّن منهما نعرفه، فإن كانت البيّنة تشهد بالجامع بين النجاستين فلا بأس بضمّ مفادها إلى العلم بطهارة واحد منهما بالخصوص لتثبت بذلك نجاسة الفرد الآخر، أمّا لو كان مدلول البيّنة نجاسة أحدهما بالخصوص لا الجامع بين النجاستين كما لو قال: (إنّ إناء زيد نجس) وكان إناء زيد معيّن عنده غير معيّن عندنا، ففي هذا الفرض لا تدلّ البيّنة بالالتزام ـ ببركة ضمّها إلى العلم بطهارة هذا الفرد ـ كون ذاك الفرد نجساً؛ وذلك لأنّ نجاسة ذاك الفرد ليست من لوازم البيّنة على كلّ تقدير؛ إذ لو كان مراد البيّنة في الواقع خصوص ما علمنا بطهارته لم تكن نجاسة ذاك الفرد ملازمة لنجاسة الآخر كما هو واضح، ففي هذا الفرض تسقط البيّنة عن الحجّيّة رأساً.

هذا في البيّنة، ويأتي عين ما ذكرناه في كلّ أمارة لم تنصبّ على الجامع، بل انصبّت على فرد معيّن عند الله احتملنا تشخّصه في الفرد الذي ثبت فيه خلاف مفاد تلك الأمارة.

وأصالة الجهة فيما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ مفادها جدّيّة المدلول الاستعماليّ المعيّن عند المتكلّم والمردّد عندنا بين ما ثبت خلافه وهو جدّيّة حرمة إكرام زيد العالم، وما لم يثبت خلافه وهو جدّيّة المراد الاستعماليّ الآخر وهو حرمة إكرام زيد الجاهل، وبهذا لا يمكن إثبات حرمة إكرام زيد الجاهل؛ إذ