المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

354

تقيّةً، أو يكون محرّماً لإكرام زيد العالم جدّاً، أو يكون محرِّماً لإكرام زيد الجاهل جدّاً، والأوّل منفيّ بوثاقة السند وحجّيّته، والثاني منفيّ بالقطع بالجدّ، والثالث منفيّ بحجّيّة العموم في (أكرم كلّ عالم)، فانحصر الأمر في الرابع وهو حرمة إكرام زيد الجاهل.

واُخرى: نفترض أنّ الجدّ في قوله: (لا تكرم زيداً) غير قطعيّ، كما لو افترضنا احتمال النهي عن إكرام زيد العالم الذي كان مخالفاً لمباني العامّة مثلاً تقيّة، وعندئذ نقول: لا مجال لإجراء أصالة الجدّ أو أصالة عدم التقيّة في قوله: (لا تكرم زيداً) لحمله على زيد الجاهل، فإنّ إجراءها بمعنى إثبات الجدّ أو عدم التقيّة تعبّداً يعني أنّ المدلول الاستعماليّ للكلام يكشف عن المراد الجدّيّ. إذن فهذا الأصل لا يمكن أن يعيّن المدلول الاستعماليّ؛ إذ ليس هو إلّا بمعنى أماريّة المدلول الاستعماليّ على الجدّ، فلابدّ أن نثبت أوّلاً أنّ المدلول الاستعماليّ هو حرمة إكرام زيد الجاهل حتّى تثبت بعد ذلك بأصالة الجدّ حرمة إكرامه، في حين أنّ هذا غير ثابت قبل أصالة الجدّ وعدم التقيّة، إذن فلا سبيل إلى حجّيّة أصالة الجدّ وعدم التقيّة في المقام(1).



(1) قد تقول: إنّ أصالة الجهة تبقى على حجّيّتها وتثبت على الإجمال حرمة إكرام أحدهما، وقد أصبح العامّ الدالّ على وجوب الإكرام مخالفاً لهذا العلم الإجماليّ في أحد طرفيه والبراءة مخالفة له في طرفه الآخر، فيتعارضان ويتساقطان.

والجواب يكون: إمّا ببيان: أنّ أصالة العموم لا تسقط بمعارضة الأصل؛ لكونها أمارة، ويختصّ أصل البراءة بالسقوط منعاً عن لزوم المخالفة القطعيّة، أو ببيان: أنّ أصل البراءة في كلا الطرفين موجود، والبراءة في كلا الطرفين من سنخ واحد، فيسقطان بثبوت الإجمال الداخليّ لدليل البراءة وتبقى أصالة العموم على حجّيّتها.