المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

329

للغويّته، وإن كان مطلقاً فإن تعقّلنا مع ذلك تقيّد الحكم بالعدم المحموليّ تصل النوبة عندئذ إلى أن نرى أنّه هل الحكم مقيّد بالعدم المحموليّ أو مطلق، وإن لم نتعقّل ذلك ـ لما ذكره المحقّق النائينيّ من لزوم التهافت ـ تمّ ما أفاده المحقّق النائينيّ من البرهان، ولا محيص عن عدم جريان استصحاب العدم الأزليّ.

والتحقيق في هذا المقام: أن يقال: إنّه لو قلنا: إنّ الإطلاق عبارة عن أخذ تمام العناوين وثبوت الحكم ابتداءً عليها فمعنى الإطلاق في الرتبة السابقة هو ثبوت الحكم للعادل والفاسق، ومن الواضح أنّ هذا لا يجتمع مع التقييد في الرتبة المتأخّرة بعدم الفسق محموليّاً، ويصحّ ما ذكره المحقّق النائينيّ(قدس سره)من لزوم التهافت.

لكنّ المختار أنّ الإطلاق لا يشبه العموم وإنّما هو رفض لجميع الخصوصيّات والعناوين، فالحكم لم يثبت أوّلاً إلّا على ذات الطبيعة وإنّما يسري إلى العناوين بحكم العقل، ومن المعلوم أنّ الإطلاق في الرتبة السابقة إنّما يوجب حكم العقل بسراية الحكم إلى تمام العناوين لو لم يقيّد في الرتبة المتأخّرة بما ينافي بعض تلك العناوين، فظهر: أنّ دعوى وقوع التهافت بسبب الإطلاق في الرتبة السابقة والتقييد في الرتبة اللاحقة ناش من الخلط بين الإطلاق والعموم. هذا.

وقد ظهر إلى هذا الحدّ: أنّه لا إشكال في استصحاب العدم الأزليّ.

إن قلت: إنّ من المحتمل كون العدم المأخوذ نعتيّاً بمعنى دخل عنوان المقارنة، وهذا وإن أمكن تصويره بنحو يقع الشكّ في دخل أمر زائد، بأن يفرض أنّ أخذ أصل عدم الفسق معلوم وأخذ عنوان المقارنة مشكوك، ولكن يمكن تصويره أيضاً بنحو التباين بأن يقال: إنّه شككنا في أنّ المأخوذ جزء للموضوع هل هو عدم الفسق أو مقارنة الموضوع لعدم الفسق؟ وما لم يدفع هذا الاحتمال لا مجال لجريان استصحاب العدم الأزليّ.