المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

302

وأحسن ما يقال في وجه ذلك: هو أنّ المخصّص إن كان لفظيّاً فالحجّة على التخصيص هو الظهور الذي ثبتت حجّيّته تعبّداً ببناء العقلاء، وإذا احتملنا فسق زيد العالم مع أنّ المولى قال: (لا تكرم فسّاق العلماء) فلا محالة نحتمل دخوله فيما هو الحجّة على التخصيص وهو ظهور الخاصّ، فلا يمكننا التمسّك بالعامّ المفروض عدم حجّيّته فيما يكون داخلاً في الحجّة على التخصيص؛ لمزاحمته مع الحجّة الأقوى.

وأمّا إن كان المخصّص هو حكم العقل أو الإجماع الحاكم بأنّ المولى لا يريد إكرام فسّاق العلماء فهذا ليس بنفسه حجّة تعبّداً، وإنّما يكون ملاك حجّيّته حصول القطع والحجّة في الحقيقة هو القطع، وعلى هذا فلو شككنا في فسق زيد وعدمه نقطع بأنّه غير داخل تحت الحجّة على التخصيص؛ إذ الحجّة على التخصيص إنّما هو القطع بالخروج، ومن الواضح أنّنا لا نقطع بخروج زيد. ففرقٌ واضح بين ما لو كانت الحجّة على التخصيص هو الظهور أو كانت الحجّة عليه هو القطع، فإنّ الظهور في خروج الفسّاق ينحلّ إلى ظهورات متعدّدة بعدد أفراد الفاسق الواقعيّ، وأمّا القطع والعلم بخروج الفسّاق فلا ينحلّ إلّا إلى علوم متعدّدة بعدد الأفراد المعلومة الفسق. وأمّا الفرد غير المعلوم الفسق فلا يسري إليه القطع بالخروج ولو كان في الواقع فاسقاً(1).



(1) إن قصد بالحجّيّة التنجيز والتعذير فالحجّيّة مخصوصة بالقدر المتيقّن سواءً في المخصّص اللفظيّ أو اللبّيّ. وإن قصد بها كاشفيّة المخصّص عن الحكم المخالف للعامّ كشفاً كبرويّاً بغضّ النظر عن التطبيق على الصغرى فالحجّيّة ثابتة بلحاظ تمام دائرة التخصيص الواقعيّ سواءً في المخصّص اللفظيّ أو اللبّيّ، وافتراض أنّ الكشف أو الحجّيّة تعبّديّة تارةً وعقليّة اُخرى لا يؤثّر في الحساب. وإن قصد بها الكشف عن الحكم المخالف صغرويّاً وبعد التطبيق فأيضاً الحجّيّة مخصوصة بالقدر المتيقّن بلا فرق بين القسمين.