وإنّما يخرج حالاً من الأحوال عن الحكم وهو حال الفسق، غاية الأمر أنّ عالماً مّا قد يجعل نفسه متلبّساً بهذا الحال إلى آخر العمر، وهذا غير خروج فرد بما هو عن العموم، ولو أصبح ذاك العالم في نهاية عمره عادلاً لأ كرمناه.
وقد ظهر بما ذكرناه: أنّه لابدّ من فرض ما خرج عن حكم العامّ شيئاً لا يعقل رجوعه إلى التقييد، بأن لا يكون أحد حالين يمكن طروّهما على فرد واحد حتّى يكون ذلك تخصيصاً، وذلك كمثال ورود عامّ يحدّد حيض كلّ امرأة بخمسين سنة، وورود مخصّص يخرج المرأة القرشيّة عن حكم العامّ، فإنّ القرشيّة وعدم القرشيّة ليسا حالين يعرضان على فرد واحد، بأن تكون امرأة واحدة تارةً قرشيّة واُخرى تميميّة مثلاً.
تحقيق الكلام في المسألة:
بقي الكلام في تحقيق أصل المطلب فنقول: يمكن أن يقال بجواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص المنفصل؛ وذلك لأنّ المخصّص المنفصل لا يصادم أصل الظهور، والمفروض أنّ العامّ يدلّ على ثبوت الحكم رأساً على الأفراد، فقوله: (أكرم كلّ عالم) دلّ على وجوب إكرام زيد العالم؛ لفرض انحفاظ ظهوره في ذلك بعد التخصيص، والظهور حجّة ما لم تقم حجّة أقوى على خلافه، والمفروض أنّ قوله: (لا تكرم فسّاق العلماء) مثلاً ـ الذي نفرض أنّه تخصيص لا تقييد ـ لا يكون حجّة على الخلاف بالنسبة لزيد العالم؛ لأنّه لم يعلم فسقه فيكون ظهور العامّ فيه حجّة.
هذا هو التقريب البدائيّ لإثبات حكم العامّ للشبهة المصداقيّة للمخصّص المنفصل، وإذا دقّقنا النظر أزيد من ذلك ظهر لنا ما هو الذي ينبغي أن يكون دعوى