المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

278

فمثلاً لو قال: (أكرم العالم) ولم يقيّد الحكم بشيء عُرف أنّ الحكم لذات الطبيعة بإطلاقها، فلا محالة يثبت للعادل والفاسق. وإذا ورد بعد ذلك: (لا تكرم الفسّاق من العلماء) علمنا أنّ الحكم ليس ثابتاً للطبيعة بإطلاقها، فإذا شكّ في أنّ زيداً العالم فاسق أو لا بنحو الشبهة المصداقيّة لم يجز التمسّك بالمطلق؛ لفرض العلم بأنّ الحكم ليس ثابتاً لطبيعة العالم بإطلاقها حتّى يحكم العقل بثبوت الحكم لهذا الفرد، فإنّ ثبوت الحكم للفرد يكون في طول إلغاء الخصوصيّة، ومع فرض قيام الدليل على أخذ خصوصيّة في الطبيعة يحتمل فقدان الفرد لها لا يبقى دليل على شمول الحكم للفرد المشكوك حاله.

نعم، لو كان قوله: (أكرم العالم) بنفسه دالّاً على ثبوت الحكم لكلّ فرد فرد أمكن أن يقال: إنّ زيداً موضوع لهذا الحكم بمقتضى قوله: (أكرم العالم)، ولم تقم حجّة أقوى على خلافه فنقول بوجوب إكرامه، لكن قد قلنا: إنّ الإطلاق عبارة عن رفض الخصوصيّات وإثبات الحكم لأصل الطبيعة، فقوله: (أكرم العالم) لا يدلّ على وجوب إكرام هذا الفرد من أفراد العالم من حيث هو حتّى يتمسّك به لعدم قيام حجّة أقوى على خلافه، وإنّما يدلّ على وجوب إكرام طبيعة العالم بإطلاقها المنطبقة على هذا الفرد، والمفروض العلم بخلاف ذلك.

هذا بالنسبة للمطلق والمقيّد. وأمّا العامّ فهو يدلّ على ثبوت الحكم لكلّ فرد فرد ابتداءً، فإنّ أداة العموم تتكفّل لإثبات الحكم على الأفراد رأساً، فيمكن أن يقال: إنّ هذا الفرد داخل في العامّ وقد شككنا في خروجه عن الحكم بالتخصيص فنتمسّك بالعموم.

وبكلمة اُخرى: إنّ الفرق بين المطلق والعامّ هو أنّ المطلق أثبت الحكم على الطبيعة، فلو اُريد التمسّك به في الشبهة المصداقيّة للمقيّد، كما لو شكّ في فسق زيد