الكلام في حجّيّة العامّ المخصَّص بالمجمل مصداقاً
المقام الثاني: في العامّ المخصّص بالمجمل من حيث المصداق، وهذا أيضاً على أربعة أقسام كأقسام المخصّص المجمل مفهوماً، وقد عرفت في المقام الأوّل أنّ العامّ ليس حجّة في الفرد المشكوك إلّا في القسم الرابع، وقد يقال في هذا المقام: إنّ المخصّص المجمل مصداقاً ليس أحسن حالاً من المخصّص المجمل مفهوماً؛ لأنّ القسم الرابع الذي كان العامّ فيه حجّة في المشكوك في المقام الأوّل قد اختير في هذا المقام عدم حجّيّته، فكيف بباقي الأقسام؟
فنحن نتكلّم أوّلاً في هذا المقام في القسم الرابع وهو المخصّص المنفصل المردّد مصداقاً بين الأقلّ والأكثر، فإن ثبت عدم حجّيّة العامّ في المشكوك فلا يبقى مجال لتوهّم حجّيّته في باقي الأقسام. وإن ثبتت حجّيّته فيه انفتح باب احتمال حجّيّته في باقي الأقسام فيقع الكلام في باقي الأقسام، فنقول:
إذا خصّص العامّ بمخصّص منفصل مردّد مصداقاً بين الأقلّ والأكثر، كما لو ورد: (أكرم كلّ عالم)، وورد: (لا تكرم فسّاق العلماء) وعلمنا أنّ الفاسق هو مطلق مرتكب الذنب مثلاً، وشككنا في أنّ زيداً العالم هل هو مرتكب للذنب أو لا، فهل يجوز التمسّك بالعامّ فيما شكّ دخوله في المخصّص، أو لا؟
قد ذكر المحقّق العراقيّ(قدس سره): أنّ هذا النزاع مختصّ ببحث العموم والخصوص، وأمّا في بحث المطلق والمقيّد فهم متّفقون على عدم جواز التمسّك بالمطلق في الشبهات المصداقيّة للمقيّد(1).
(1) راجع المقالات، ج 1، المقالة: 31، ص 441 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ بقم، ونهاية الأفكار، ج 1 ـ 2، ص 520 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.