المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

150

موجود في عالم الإثبات يكون مقدّماً على أصالة التطابق في جانب المطلق التي هي بلحاظ عدم الوجود في عالم الإثبات.

بقي هنا شيئان:

الأوّل: قد عرفت أنّ مقتضى بعض المباني تعيّن سقوط إطلاق المنطوق، ومقتضى بعضها تعيّن سقوط إطلاق المفهوم، وعلى هذين القسمين يبقى أحد الإطلاقين سالماً عن المعارض، ومقتضى بعضها معارضة إطلاق المنطوق مع أصل المفهوم وتساقطهما لعدم مرجّح لأحدهما على الآخر. ومقتضى بعضها معارضة إطلاق المنطوق وإطلاق المفهوم وتساقطهما لعدم مرجّح لأحدهما على الآخر، وعلى هذين القسمين الأخيرين نقول: إنّ مقصودنا ممّا ذكرناه من تعيّن التعارض والتساقط لعدم المرجّح إنّما هو بيان ما يقتضيه الفنّ. وبعبارة اُخرى: إنّا لم نستطع فنّيّاً من إثبات مرجّح لأحدهما على الآخر، وليس المقصود أنّه استطعنا فنّيّاً من إثبات عدم المرجّح لأحدهما على الآخر، فإنّه لم يثبت ذلك بالفنّ، وعلى هذا فلا مانع من ثبوت مرجّح لأحدهما على الآخر بحسب الذوق العرفيّ.

هذا. ونحن نرى وجداناً بحسب الذوق العرفيّ أنّ المتفاهم من القضيّتين الشرطيّتين المتّحدتين جزاءً والمختلفتين شرطاً كالمثال المتقدم، وكقولنا: (إن جاءك زيد فأكرمه)، مع قولنا: (إن مرض زيد فأكرمه)، كون كلّ من الشرطين تمام الموضوع لوجوب الإكرام(1)، ولعلّ السرّ في ذلك أنّ اهتمام العرف والعقلاء في


(1) كان يدّعي(رحمه الله) هذا الظهور حتّى مع فرض اقتناص المفهوم بملاك التعليق، كأن يقال: وجوب إكرام زيد معلّق على مجيئه، ويقال: وجوب إكرام زيد معلّق على مرضه.