المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

149

هذا لو لم يكن إطلاق الجزاء المثبت لكون المعلّق سنخ الحكم داخلا في دائرة المعارضة، لكنّه داخل فيها، فالأمر ليس منحصراً في تقييد الإطلاق المثبت للتماميّة، بل يدور الأمر بين تقييده وتقييد إطلاق الجزاء، فبالتعارض يتساقط إطلاق المنطوق والمفهوم معاً ويبقى أصل المفهوم سالماً.

ثُمّ أنّه قد ظهر ممّا ذكرناه: أنّ الأمر دائر بين تقييد هذين الإطلاقين: أعني: الإطلاق الأحواليّ المقتضي للتماميّة وإطلاق الجزاء، وأمّا ظهور كون الشرط بعنوانه دخيلا فلابدّ من التحفّظ عليه، كما تشهد لذلك قاعدة الميرزا التي تقول: تشخّص القرينة من ذي القرينة في المنفصلين بوصل أحدهما بالآخر، فما كان قرينة حين الوصل فهي القرينة حين الفصل وكذلك ذو القرينة.

وهنا نرى أنّه لو جمعنا بين القضيّتين بنحو في كلام واحد انتفى أحد الإطلاقين، ولو جمعنا بينهما بنحو آخر انتفى الإطلاق الآخر وبقي ذلك الظهور على كلا الفرضين محفوظاً، فلو قلنا: (إذا خفي الأذان والجدران فقصّر)، انتفى الإطلاق الأحواليّ المقتضي للتماميّة، ولو قلنا: (إذا خفي الأذان فقصّر وإذا خفي الجدران فقصّر)، انتفى إطلاق الجزاء، وعلى كلّ حال يكون ظاهر الكلام أنّ الشرط المذكور بعنوانه دخيل في الحكم، والسرّ في ذلك ما بيّنّاه من أنّ أصالة تطابق عالم الإثبات والثبوت بالنسبة إلى الموجود في عالم الإثبات أقوى منها بالنسبة إلى المعدوم فيه.

والشاهد على هذا من سيرة العلماء هو جريان دأبهم وديدنهم قديماً وحديثاً على حمل المطلق على المقيّد مع أنّه من المحتمل أن يكون ذكر المقيّد من باب ذكر أحد الأفراد لنكتة، وإنّما يرتفع هذا الاحتمال بأصالة التطابق بين عالم الإثبات والثبوت، وبما أنّ هذا الأصل في جانب المقيّد يكون بلحاظ ما هو