المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

138

فتحصّل: أنّ ظهور الصيغة في الوجوب طرف للمعارضة لكنّه طرف غالب فنتحفّظ عليه؛ لأنّ الخصوص يصلح قرينة للعموم لا للصيغة.

إن قلت: كما أنّه في هذا المثال يكون ظهور الصيغة في الوجوب داخلا في دائرة التعارض ـ لثبوت العلم بكذب أحدهما ـ كذلك الحال فيما مثّلتم به من فرض ورود ثلاثة أدلّة: (أكرم كلّ عالم)، و(لا تكرم زيداً)، و(زيد عالم) ولم نكن نعلم بعلم زيد، فالدليل الثالث صار سبباً للمعارضة، فإنّنا هنا أيضاً نعلم إجمالاً بكذب أحد الثلاثة فيقع التعارض بينها ثلاثيّ الأطراف.

قلنا: الفرق بين ما مثّلنا به وما مثّل به السيّد الاُستاذ هو أنّ في مثاله يكون كلّ من الثلاثة مكذّباً لأحد الآخرين على سبيل الترديد، فيستحيل التعبّد بها من باب استحالة التعبّد بالنقيضين. والوجه في ذلك التكذيب هو حجّيّة مثبتات الأمارة، وهذا هو السرّ في إمكان التعبّد بأصلين مع العلم الإجماليّ بمخالفة أحدهما للواقع، وعدم إمكان التعبّد بأمارتين كذلك؛ لأنّ مثبتات الاُصول ليست حجّة فلا يقع التكاذب بينها بخلاف الأمارات.

وأمّا في المثال الذي ذكرناه فشيء من الدليلين الأوّلين لا يكذّب الدليل الثالث ولو على سبيل الترديد بينه وبين الدليل الآخر، وذلك على ما هو الحقّ عندنا وعند السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ والمحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّه إذا ورد: (أكرم كلّ عالم)، وورد: (لا تكرم زيداً) لم يثبت بهما أنّ زيداً ليس بعالم؛ إذ لو دار الأمر بين التخصيص والتخصّص لم يكن التخصّص أولى، فمثبتاتهما من هذه الناحية غير حجّة فيخرج الدليل الثالث عن دائرة التعارض رغم دخوله في دائرة العلم الإجماليّ بالكذب الموجب لانحلال التعارض برفع اليد عنه.

نعم، بناءً على أنّه مهما دار الأمر بين التخصيص والتخصّص تعيّن التخصّص،