المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

135

قد استشكل في ذلك السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ وذهب إلى أنّ مقتضى المعارضة هو تقديم المنطوق على المفهوم، فينتج أنّ كلاًّ من الخفاءين علّة مستقلّة للتقصير، وذلك ببيان مقدّمة:

وهي: أنّه مهما وقعت المعارضة بين دليلين فلابدّ من تطبيق قوانين باب التعارض عليهما لا على سواهما وذلك واضح.

وعلى هذا فلو فرض أنّ هناك دليلا ثالثاً ليس طرفاً للمعارضة ولكنّه لو تصرّفنا فيه ورفعنا اليد عن ظهوره لم تبق معارضة بين الدليلين، ففي مثل ذلك لا يجوز أن نتصرّف في الدليل الثالث رفعاً للمعارضة بين الدليلين الأوّلين؛ لأنّه ليس أحد المتعارضين، مثاله: لو ورد: (أكرم كلّ عالم)، وورد: (لا يجب إكرام زيد العالم)، واحتمل استحباب إكرامه فالدليل الثاني الخاصّ دليل على عدم وجوب إكرام زيد، وقد وقع طرفاً للمعارضة مع العموم الأوّل، ومقتضى قوانين باب التعارض هنا هو التخصيص والالتزام بوجوب إكرام كلّ عالم عدا زيد، لكن لو تصرّفنا في ظهور صيغة (أكرم) الظاهرة في الوجوب وحملناها على الاستحباب ارتفعت المعارضة بين الدليلين، وقد يكون رفع اليد عن ظهور الصيغة في الوجوب أهون من تخصيص (كلّ عالم) بناء على أنّ ثبوت الوجوب يكون بالإطلاق، ولكن هذا لا يجوز؛ لأنّ ظهور الصيغة في الوجوب ليس طرفاً للمعارضة، بل الذي وقع طرفاً للمعارضة هو العموم والخصوص.

إذا عرفت هذه المقدّمة قلنا فيما نحن فيه: لو قيّدنا المنطوقين معاً ورفعنا اليد عن إطلاقهما ـ أي: قيّدناهما بالواو ـ ترتفع المعارضة، ولكن ليس هذا عملا فنّيّاً في حلّ المعارضة، بل لابدّ أن نلاحظ طرفي المعارضة ونرى أنّ أيّهما حقيق بالتقديم على الآخر: فنقول: إنّ كلّ واحد من المفهومين معارض لمنطوق الآخر