ولم يبيّن في لسان الحديث الوجه الفنّيّ لإشكال حكم بن عتيبة وإبراهيم النخعيّ وأصحابهما في موضوع هذا النكاح، ولا الوجه الفنّيّ لجواب الإمام(عليه السلام). وأظهر الاحتمالات في ذلك أحد أمرين:
الأوّل: أن يكون إشكالهم هو أنّ معصية السيّد كمعصية الله، وكما أنّ معصية الله تعالى لا تخرج عن كونها معصية، كذلك الحال في معصية السيّد، فأجاب الإمام(عليه السلام)بأنّه لم يعص الله الذي لا يغيّر حكمه بعد المعصية، وإنّما عصى سيّده الذي يمكن أن يجيز ويرضى بعد العمل رغم أنّه لم يكن راضياً قبل ذلك، فإذا أجاز جاز.
والثاني: أن يكون الإشكال في نظرهم أنّ معصية السيّد معصية لله تعالى، ومعصيته تعالى لا تخرج عن كونها معصية بعد العمل، فمنع الإمام(عليه السلام) عن ذلك وقال: (ما عصى الله وإنّما عصى سيّده).
وهناك احتمالات اُخرى خلاف الظاهر، وتحقيق الحال في ذلك موكول إلى محلّه.
والذي نريد أن نقوله هنا في توجيه الاستدلال بهذه الرواية على كون النهي التكليفيّ عن المعاملة موجباً لفسادها: أنّ ذلك يكون على أساس دعوى ظهورين:
الأوّل: أنّ ظاهر الحديث هو أنّ المعاملة إذا كانت معصية لله كانت باطلة، وهذا الظهور ممّا لا إشكال فيه، فإنّه(عليه السلام) ذكر في وجه الصحّة: «إنّه لم يعص الله»، فيعلم أنّ معصيته مبطلة لها.
الثاني: أنّ ظاهر المعصية المذكورة في الحديث هي مخالفة الحكم التكليفيّ لا الوضعيّ، فإنّ معصية المولى عبارة عن التمرّد عليه، والتمرّد عليه إنّما يتحقّق إذا كان مقامه موجباً لتحرّك العبد نحو شيء من فعل أو ترك، فإذا خالف كان طاغياً عليه ومتمرّداً وعاصياً، واستيجابه لذلك إنّما يكون بالحكم التكليفيّ، هذا.
مضافاً إلى أنّ المراد بالمعصية في قوله(عليه السلام): «لم يعص الله» وفي قوله(عليه السلام): «عصى سيّده» شيء واحد، ومن المعلوم أنّه ليس لسيّده حكم وضعيّ، فعصيانه