وهذا البيان له صورة فنّيّة إلاّ أنّ فيه مغالطة، فإنّ ما برهن عليه في بحث الضدّ من عدم المقدّميّة بين أحد الضدّين وعدم الضدّ الآخر إنّما هو في ضدّين متبادلين في الوجود وفي زمان واحد كسواد الشيء وبياضه في نفس الزمان، أمّا أن يكون أحد الضدّين في زمان مقدّمة في مورد مّا لعدم الضدّ الآخر في زمان متأخّر عنه فلم يبرهن على خلافه.
وفي المقام ليس المدّعى أنّ الخروج مقدّمة لعدم البقاء في آن الخروج، بل المدّعى كونه مقدّمة لترك الغصب في الآن الثاني، سنخ أن يقال في مريض لو صلّى ضعف عن الإزالة: إنّ صلاته سبب لعدم تمكّنه من الإزالة بعد الصلاة، لا في حين الصلاة، ومثل هذه المقدّميّة لم يتوهّم أحد عدم معقوليّتها.
وأمّا البرهان على المقدّميّة: فهو مركّب من مقدّمتين:
الاُولى: أنّ الخروج مقدّمة للكون خارج الدار، وهذا أمر افتُرض من البداية وسُلّم ذلك، وإنّما النزاع في أنّه يكون مقدّمة لعدم الكون في داخل الدار أيضاً أو لا، كما أنّه من المتّفق عليه أنّ الكون في خارج الدار ملازم لترك الكون في داخله.
الثانية: أنّ كلّ أمرين متلازمين لابدّ أن ينشأ التلازم بينهما إمّا من كون أحدهما علّة للآخر، أو من كون علّة أحدهما علّة للآخر، وإلاّ فلا تلازم بينهما؛ إذ قد تثبت علّة أحدهما دون علّة الآخر، فينفكّ أحدهما عن الآخر وهذا خلف.
ونقول في المقام: إنّه لا يمكن أن يكون أحدهما علّة للآخر، فإنّ أحدهما ضدّ والآخر عدم ضدّه، وقد ثبت في بحث الضدّ عدم العلّيّة والمعلوليّة بين الضدّ وعدم ضدّه، إذن فلابدّ أن تكون علّة أحدهما عين علّة الآخر، وهذا يعني أنّ الخروج مقدّمة لترك الغصب الزائد.
وهذا البرهان اعترض عليه المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) باعتراضين:
أحدهما: أنّ التلازم بين الكون خارج الدار في الزمان الثاني وعدم الكون في