يمكن أن يقال: إنّه لم يبق محذور في شمول الأمر لمادّة الاجتماع، فيقع الفعلصحيحاً ومجزياً، أو أنّ مقتضى القاعدة الأوّليّة هو البطلان؟
ذهب المشهور إلى أنّ إطلاق دليل الأمر شامل لمادّة الاجتماع لوجود المقتضي وعدم المانع، فإنّ دليل الأمر بنفسه لم يكن مقيّداً بعدم غصب الماء أو المكان مثلا، وإنّما كان المانع عن التمسّك بالإطلاق هو الحرمة وقد سقطت. وبهذا فرّق المشهور بين المانعيّة المتحصّلة من الحكم التكليفيّ كما في محلّ الفرض، بنكتة عدم إمكان اجتماع الأمر والنهي، والمانعيّة المستفادة من النهي الإرشاديّ كخطاب (لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه): ففي الأوّل مقتضى القاعدة عند ثبوت الاضطرار وسقوط الحرمة الصحّة، بينما في الثاني مقتضى إطلاق دليل المانعيّة ثبوتها حتّى مع الاضطرار. ولو دلّ دليل خاصّ على وجوب الباقي بقاعدة (الميسور)، أو (أنّ الصلاة لا تسقط بحال)، أو غير ذلك التزم به على خلاف القاعدة.
والمحقّق النائينيّ(رحمه الله) خالف في ذلك فذكر أنّ البطلان المستفاد من النهي التكليفيّ أيضاً يشمل في حدّ ذاته فرض الاضطرار ما لم يدلّ دليل خاصّ على الصحّة، ويمكن أن يُقرَّب ذلك بأحد تقريبين:
التقريب الأوّل: ما نقله السيّد الاُستاذ عنه في أجود التقريرات من أنّ النهي علّة لأمرين: أحدهما حرمة مادّة الاجتماع، والآخر عدم وجوبها؛ لأنّ الوجوب والحرمة متضادّان وكلّ ما يكون علّة لأحد الضدّين يكون علّة لعدم الآخر. والاضطرار إنّما ينافي المعلول الأوّل و هو الحرمة، و أمّا المعلول الثاني فلا يأباه الاضطرر، فالمقتضي للمعلول الثاني ـ وهو النهي ـ موجود والمانع مفقود، بناءً على أنّ هذين المعلولين في رتبة واحدة؛ لأنّ وجود أحد الضدّين مع عدم الآخر معلولان لشيء واحد، فيكونان في رتبة واحدة، وليست المانعيّة معلولة للحرمة