و(لا تغصب)، فإنّ أحد الحكمين بلا ملاك، فلا يعقل ثبوتهما معاً، ولا يعقل التزاحم، فإنّه فرع تماميّة المقتضيين(1).
وقد اعترض على ذلك المحقّق النائينيّ(رحمه الله)(2) والسيّد الاُستاذ دام ظلّه(3) بأنّ المسألة لا تكون مرتبطة بمسألة تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد، فكيف يكون شرط هذه المسألة ثبوت الملاكين في المجمع، فبناءً على ما ذهب إليه الأشعريّ من إنكار الحسن والقبح الذاتيّين يجوز الحكم بلا مصلحة ـ لعدم قبح في ذلك ـ ومع هذا يأتي النزاع في أنّ الأمر والنهي هل يجتمعان أو لا؛ فإنّ مسألة جواز الاجتماع ترجع إلى أنّ اجتماع الأمر والنهي هل يلزم منه اجتماع ضدّين في مورد واحد أو لا؟ وهذا يتأتّى حتّى مع فرض عدم المصلحة، والأشعريّ لا ينكر العقل النظريّ ولو أنكر العقل العمليّ.
وفي الحقيقة: إنّ مراد صاحب الكفاية لو كان هو ما فهمه المحقّق النائينيّ والسيّد الاُستاذ فهو من غرائب الكفاية، فإنّ عدم ارتباط المسألة بالقول بتبعيّة الأحكام للمصالح في غاية الوضوح، ولكن مراد صاحب الكفاية في المقام من الملاك إنّما هو الغرض من الحكم، سواء كان الغرض هو المصالح أو هو التشهّي والجزاف، فهو يقول: إنّ شرط مسألة الاجتماع وجود غرضين أمّا أنّهما هل هما عبارة عن المصالح والمفاسد أو عبارة عن التشهّي والتحكّم فهذا مطلبٌ آخر لا يرتبط بالمقام.
(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 245 ـ 246 بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعاليق المشكينيّ(رحمه الله).
(2) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 346 بحسب الطبعة المشتملة على تعاليق السيّد الخوئيّ(رحمه الله).
(3) راجع المحاضرات، ج 4، ص 203 ـ 205 بحسب طبعة دار الهادي للمطبوعات بقم.