وحينما بيّنّا هذا لهؤلاء حوّلوا دعواهم الثبوتيّة إلى دعوى إثباتيّة وأنّ الإطلاق البدليّ وإن كان لا يلزم منه الترخيص بالملازمة العقليّة إلاّ أنّ الظاهر العرفيّ هو الترخيص(1).
البيان الثاني: أن يقال: إنّ الحبّ المتعلّق بالجامع بنحو صِرف الوجود يلازم تكويناً حبّ حصّة على تقدير عدم الحصص الاُخرى(2)، أي: إنّ التخيير العقليّ دائماً يستلزم التخيير الشرعيّ لكن لا بحسب عالم الجعل والإلزام ـ الذي هو عمل اختياريّ للمولى ـ وإنّما بحسب عالم الحبّ، وعليه فسوف تكون الصلاة في الحمّام محبوبة ولو على تقدير، وفي نفس الوقت مبغوضة على كلّ تقدير.
أمّا التلازم بين حبّ الجامع بنحو صِرف الوجود وحبّ كلّ حصّة على تقدير عدم باقي الحصص فلا برهان عليه ولكنّه وجدانيّ للإنسان، فالإنسان الذي يحبّ الماء لكونه عطشاناً يستأنس روحيّاً بنفس الماء الذي يشربه، ولا يمكن أن يقال له: إنّ هذا الماء لا تحبّه وإنّما هو مصداق لما تحبّه(3).
(1) وهذه الدعوى أيضاً في غير محلّها.
(2) فإن قلت: هذا يعني أنّه لو لم تحصل أ يّة حصّة أحبّ كلّ الحصص.
قلت: ليس المقصود كون الحبّ متوقّفاً على عدم باقي الحصص، بحيث لو لم توجد باقي الحصص لأحبّ هذه الحصّة حبّاً تنجيزيّاً، بل المقصود وجود حبّ كلّ حصّة من الحصص من أوّل الأمر في النفس بالفعل حبّاً تعليقيّاً وعلى تقدير، وإن شئت فسمّه بحبّ القضايا الشرطيّة.
(3) إن كان المقصود بوجدانيّة سراية الحبّ بالملازمة من صِرف الوجود إلى الحصص بهذا الشكل: ما يعمّ تقليل البغض أو إفناؤه في الحصّة؛ لوقوع التزاحم بين سراية الحبّ إلى الحصّة والبغض الموجود في الحصّة، فلو كان البغض هو الغالب ـ مثلا ـ منع عن
←