وأمّا الفرضيّة الرابعة ـ وهي: فرض تعلّق الحكم بذات الفعل من دون توجّه إلى مكلّف أصلا ـ: فذلك بأن يقال: إنّ الحكم بالرغم من عدم تعلّقه بأحد المكلّفين يرى العقل لزاماً على المكلّفين وفقاً لقانون العبوديّة تحصيل ما هو متعلّقه إيصالا للمولى إلى ما أراد.
إلاّ أنّ فرضيّة تعلّق الحكم بذات الفعل من دون توجّه إلى المكلّف إنّما هو أمر معقول بلحاظ مبادئ الحكم من الحبّ والبغض، فإنّ الحبّ والبغض وإن كانا من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة إلاّ أنّه يكفي في تحقيق هذه الإضافة ارتباطه بمتعلّق، وهو الفعل المحبوب بلا حاجة إلى توجّهه إلى من يصدر منه هذا الفعل. أمّا بلحاظ نفس الحكم أي: البعث والزجر وإشغال الذمّة فغير معقول؛ إذ الباعث له علاقة تضايف مع المبعوث، وإشغال الذمّة بحاجة إلى من تنشغل ذمّته. على أنّه لو تعقّلنا هذا الوجه احتجنا أيضاً إلى تصوير آخر للوجوب الكفائيّ لكي نفسّر به كفائيّة حكم العقل على المكلّفين بلزوم الإتيان بمتعلّق هذا الحكم.