الفعل من كلّ واحد منهما ورخّص في نفس الوقت كلّ واحد منهما في الترك بشرط فعل الآخر.
وهذه صياغة معقولة على مسلك المحقّق النائينيّ(رحمه الله): من كون مفاد الأمر هو الطلب، وأنّ الوجوب والاستحباب منتزع بحكم العقل من الطلب عند عدم اقتران الترخيص في الخلاف به أو اقترانه، فيقال في المقام: إنّه لو رخّص في الخلاف لكلا المكلّفين مطلقاً انتزع منه الاستحباب، ولو لم يرخّص في الخلاف أصلا انتزع منه الوجوب العينيّ، ولو رخّص كلّ واحد منهما في الخلاف بشرط فعل الآخر انتزع منه الوجوب الكفائيّ.
وحينئذ إذا فعله أحدهما سقط عن الآخر؛ لأنّه مرخّص في تركه على تقدير أن يفعله صاحبه وقد فعل. وإذا فعلاه معاً فقد امتثل كلاهما الطلب. وإذا تركاه معاً عوقبا؛ لأنّ ترخيص كلّ واحد منهما في الترك كان مشروطاً بفعل الآخر ولم يتحقّق.
نعم، بناءً على أنّ الوجوب والاستحباب من مفاد نفس الأمر لا يتمّ هذا الوجه، فإنّه لو فُرض توجّه الأمر الوجوبيّ إلى كلّ واحد من المكلّفين متعلّقاً بالإتيان بهذا الفعل، فإن كان الأمران مطلقين فلا معنى للترخيص في مخالفة الأمر الوجوبيّ المطلق، وإن كانا مشروطين رجع إلى الصياغة السابقة.
الصيغة الرابعة: ما يكون بديلا عن الصيغة الثالثة، حيث لم تتمّ على رأي المشهور: من كون الوجوب والاستحباب داخلين في مفاد الأمر، فيقال: بما أنّ مجموع الملاكين زاحم مصلحة التسهيل، أو أنّ كلّ واحد منهما كان بمقدار يتحمّل المولى ضرر فوته، لكنّه لا يتحمّل ضرر فوتهما معاً، فالمولى حرّم على كلّ واحد من المكلّفين بعض حصص الترك وهو الترك المقترن بترك الآخرين، فلو تركوا جميعاً عوقبوا؛ لأنّهم أتوا بتلك الحصّة من الترك المنهيّ عنها. ولو فعله أحدهم لم