المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

291

النظريّة الرابعة: أنّ الوجوب ليس متعدّداً ولا متعلّقاً بالجامع، بل هو وجوب واحد متعلّق بالفرد المردّد. وهذا الوجه مبنيّ على تصوير الفرد المردّد على تردّده.

وقد أورد على ذلك المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) بأنّه إن قُصد بذلك مفهوم الفرد المردّد بالحمل الأوّلي فهو جامع، فرجع الأمر إلى تعلّق الوجوب بالجامع. وإن قُصد بذلك ما هو الفرد المردّد بالحمل الشائع، أي: واقع الفرد المردّد، فالفرد المردّد مستحيل في أيّ عالَم من العوالم، سواء في عالم الذهن أو الخارج أو الاعتبار، فإنّ الفرد المردّد بين (ألف) و(باء) مثلا معناه أن يُحمل عليه (ألف) و(باء) بدلا لا جمعاً، وهذا معناه أنّه (ألف) وليس بـ (ألف)، وأنّه (باء) وليس بـ (باء). أمّا لو حُمل عليه أحدهما فقط لا كلاهما على سبيل البدل فقد أصبح فرداً معيّناً لا مردّداً.

وهذا البيان ـ في مقام إبطال الفرد المردّد ـ أحسن وأوضح ممّا يُذكر من التمسّك بهذا الصدد بمسألة فلسفيّة، وهي: أنّ الوجود يساوق التشخّص والتعيّن، فإنّ هذا تطويل للمسافة، فنحن نُنهي المسألة منطقيّاً بلا حاجة إلى بحث فلسفة الوجود، فنقول: إذا كانت حقيقة مردّدةً بين (ألف) و(باء) كان معنى ذلك أنّها (ألف) و ليست بـ (ألف) وأنّها (باء) وليست بـ (باء)، وهذا تناقض.

النظريّة الخامسة: هي فرض تعلّق وجوب تعيينيّ بالجامع بينهما، فيرجع التخيير الشرعيّ إلى التخيير العقليّ. وهذا له إحدى فرضيّتين:

الاُولى: فرض جامع حقيقيّ من المعقولات الأوّليّة يثبت ـ كما في كلمات المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) ـ ببرهان (أنّ الواحد لا يصدر إلاّ من واحد)، وذلك حينما يكون الملاك في كليهما واحداً. وقد تقدّم في بحث الصحيح والأعمّ كلام في (أنّ قانون أنّ الواحد لا يصدر إلاّ من واحد) هل هو في الواحد الشخصيّ أو يشمل