المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

289

أنّ ظاهر الدليل هو وحدة الجعل والوجوب والملاك، وقد عرفت جوابه.

الإيراد الخامس: أنّ فرض وجوبين من هذا القبيل يستتبع تعدّد العقاب عند تركهما معاً؛ لأنّ الترخيص إنّما كان في الترك البدليّ لا في الترك الجمعيّ.

وهذا الإشكال إشكال فنّيّ قابل للبحث والنقاش، فنقول: إنّ الترخيص في الترك المفروض في المقام يمكن تصويره بإحدى صور أربع:

1 ـ الترخيص المطلق في حصّة خاصّة من ترك كلّ واحد منهما وهي الترك المقترن بفعل الآخر. وهذا قد يقال: إنّه يرد عليه لزوم تعدّد العقاب عند تركهما معاً؛ لأنّه عندئذ يكون كلّ من التركين غير الحصّة المرخوص فيها.

2 ـ الترخيص المشروط في ترك كلّ واحد منهما، أي: إنّه مرخّص في ترك كلّ واحد منهما بشرط الإتيان بالآخر، وهذا أيضاً قد يقال: إنّه يرد عليه لزوم تعدّد العقاب عند تركهما معاً؛ لأنّه عندئذ قد ترك كلّ واحد منهما من دون تحقّق شرط الترخيص.

3 ـ الترخيص في ترك أحدهما، وهذا لا مجال لأن يورد عليه ما قد يقال بوروده على الوجهين الأوّلين، فإنّه لو تركهما معاً فترك أحدهما مرخوص فيه فلا يعاقب إلاّ على ترك الثاني، وإن كان لا يمكن تمييز ما هو المرخوص فيه عمّا ليس مرخوصاً فيه، إلاّ أنّ الانتباه إلى هذا الوجه يعني الانتباه إلى إمكان جعل الحكم على عنوان انتزاعيّ هو عنوان أحدهما، ومعه قد يختصر الطريق ويُفرض رأساً أنّ الوجوب ثابت على عنوان أحدهما بلا حاجة إلى فرض وجوبين مع ترخيص ثابت على عنوان أحدهما. وهذا رجوع إلى النظريّة الخامسة.

4 ـ الترخيص في ترك المجموع، وهذا لا يلزم منه الانتباه إلى إمكان ثبوت الحكم على عنوان أحدهما، وفي نفس الوقت لا يوجب تعدّد العقاب؛ فإنّ ترك الجميع يزيد على ترك المجموع المرخّص فيه بترك واحد فيوجب عقاباً واحداً.