المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

256

بالنظر التصوّريّ الذي يُرى به عين الخارج، فهذا المحبّ يرى بالنظر التصوّريّ أنّه يحبّ الشخص الخارجيّ.

أمّا في المقام فبالرغم من كون الطلب قد تعلّق بالصورة الذهنيّة بما هي حاكية عن الخارج، لكنّه مع ذلك ليس هناك مطابق لهذه الصورة الذهنيّة في الخارج، فإنّ المولى حينما يعطش يطلب صرف وجود الماء؛ إذ لا يفرق في حقّه أيّ فرد من الأفراد، وصرف الوجود ليس له مطابق في الخارج، وكلّ ما هو موجود في الخارج إنّما هو مصداقٌ لمحكيّ الصورة، لا نفس محكيّها.

وبهذا تنحلّ عويصة في المقام وهي: أنّ الطلب إن كان موضوعه أمراً خارجيّاً ففعليّته في طول تحقّق الموضوع، وهذا تحصيل للحاصل. وإن كان أمراً غير خارجيّ فمن الواضح أنّ الطالب لا يطلب أمراً غير خارجيّ، فإنّ غرضه إنّما يحصل بالعمل في الخارج.

وقد أجاب عن ذلك المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) بأنّ الطلب يتعلّق بإيجاد الشيء لا وجوده(1).

وهذا الجواب ليس فنّيّاً، فإنّ الإيجاد والوجود شيء واحد وإنّما الفرق بينهما بالاعتبار، فطلب الإيجاد يعني طلب الوجود. فيقال: هذا الإيجاد أو الوجود إن اُريد به الخارج ففعليّة الطلب تساوق فعليّة ذاك الإيجاد أو الوجود ويلزم تحصيل الحاصل. وإن اُريد به غير الخارج فلا يريده الطالب.

والحلّ هو: أنّ الطلب لم يتعلّق بالصورة الذهنيّة بما هي صورة ذهنيّة بالنظر التصديقيّ، حتّى يرد إشكال أنّ الطالب لا يريد غير الأمر الخارجيّ؛ لعدم حصول


(1) الكفاية، ج 1 بحسب طبعة المشكينيّ، ص 223، وبحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ص 139.