المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

254

وعليه فيتعيّن الثاني، وهو كون الفرق راجعاً إلى نفس المفكر فيه، فمثلا الفرق بين الإنسان واجتماع النقيضين؛ حيث يتولّد عندنا في تصوّر الأوّل حالة الإمكان وفي الثاني حالة الامتناع، يكون بنكتة راجعة إلى نفس الإنسان واجتماع النقيضين.

وهذا معنى قولنا: إنّ هذه الاُمور ليست ذهنيّة بل خارجيّة وحالها حال الأعدام، فما هو معدومٌ معدومٌ حقيقة، وعدمه واقعيٌّ لا اعتباريّ، كأن نعتبر الشمس معدومة، وليس معنى ذلك وجود العدم؛ فإنّ أحد النقيضين لا يتقبّل الآخر، بل العدم واقعيّ بنفسه وفي لوح الخارج والواقع.

وهذا أحد المسالك لإبطال قول من يحصر الواقع والخارج بالمادّة وظواهرها؛ فإنّه لا يمكنه أن يفسّر هذه الاُمور؛ فإنّها ليست مادّيّة ولا ظاهرة قائمة بالمادّة؛ إذ من الضروريّ رياضيّاً أنّه حتّى لو لم توجد مادّة في العالم فمساوي المساوي مساو، فالواقعيّة والخارجيّة أوسع من المادّيّة حتماً.

كما أنّه بما ذكرناه ظهر بطلان ما نقله صاحب الأسفار عن الخواجه نصير من افتراض أنّ مثل هذه القضايا من الموجودات الذهنيّة لما أسماه بالعقل الأوّل، لكي لا يرد إشكال أنّ هذه الاُمور كيف تكون ذهنيّة مع أنّها أقدم وأكبر من ذهننا؟

بيان البطلان: أنّنا نحسّ أنّ اجتماع النقيضين ممتنع سواء وُجد العقل الأوّل أو لا، فلا محيص عن الالتزام بلوح الواقع والخارج، وكونه أوسع من لوح الوجود فضلا عن لوح المادّة التي هي قطّاع من قطّاعات لوح الوجود.

القسم الرابع: العوارض الذهنيّة التي تكون كالمعقولات الثانويّة المنطقيّة، إلاّ أنّه يختلف عنها في أنّ المعروض هنا يلحظ مرآةً للخارج، ولذا يكون للعَرَض معروض آخر بالعرض، كما في الحبّ والبغض والعلم ونحوها من الصفات النفسيّة ذات الإضافة، فهي من الكيف النفسانيّ ومعروضها بالذات قائم في عالم النفس،