المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

223

بأن يأتي بالمقدّمة وبذيها، فيكون قد امتثل ذا المقدّمة، وامتثل في نفس الوقت حرمة المقدّمة غير الموصلة؛ إذ قد ترك غير الموصل. فإشكال المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) على الأمر الترتّبيّ بأنّه يلزم منه في فرض ترك الأهمّ، الأمر بالضدّين مع عدم قدرة المكلّف على امتثالهما معاً، لو تمّ هناك لا يرد على هذا الحكم.

وإن قلنا بوجوب مقدّمة الواجب مع إمكان اختصاص الوجوب بالموصلة، فأيضاً يكون الكلام نفس الكلام؛ إذ بالإمكان حرمة المقدّمة غير الموصلة في عرض وجوب ذي المقدّمة؛ إذ لا هي مفوّتة للأهمّ، ولا هي معارضة بوجوب المقدّمة؛ لإمكان اختصاصها بالموصل، وهذه الحرمة أيضاً تمتاز بنفس الامتياز الماضي، لإمكان امتثال كلا الحكمين جمعاً.

وأمّا إن قلنا بوجوب مقدّمة الواجب، وقلنا في نفس الوقت بمقالة المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله): من عدم إمكان تخصيص الوجوب بالموصل، فلا يمكن فرض حرمة المقدّمة غير الموصلة مع فرض وجوب المقدّمة، سواءً فرضناها حرمة ترتّبيّة أو حرمة عرضيّة، بأن كان عدم الإيصال قيداً في الحرام لا في الحرمة، فإنّه على أيّ حال يلزم اجتماع الوجوب والحرمة على مصبّ واحد، وهذا مرجعه إلى باب التعارض، ولا معنى للترتّب فيه.

ولا يمكن أن يقال ـ لتصحيح الترتّب ـ بأنّ وجوب المقدّمة في عرض وجوب ذيها؛ لأنّهما مشتقّان من ملاك واحد، والحكم الترتّبيّ بحرمة المقدّمة يكون في مرتبة متأخّرة من الأمر بذي المقدّمة؛ لكونه مترتّباً على مخالفته بحسب الفرض، فهو في مرتبة متأخّرة عن وجوب المقدّمة أيضاً، فلا تنافي بينهما(1).


(1) راجع فوائد الاُصول، ج 1، ص 386 ـ 389 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات، ج 1، ص 324 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات السيّد الخوئيّ(رحمه الله).