الوجه الثاني: التمسّك بأصالة الاشتغال بتقريب: أنّه لو اشتغل بالإزالة حصل له القطع بسقوط الأمر بالصلاة عنه؛ لأنّ الإزالة إمّا أهمّ، فيجب تقديمها، أو مساو، فهو مخيّر تخييراً عقليّاً بينهما، بينما لو اشتغل بالصلاة لم يحصل له القطع بسقوط الأمر بالإزالة فتجري أصالة الاشتغال.
ويرد عليه: أنّ الشكّ في سقوط الأمر إنّما يكون مجرى لقاعدة الاشتغال إذا كان شكّاً في الفراغ بعد العلم بدخول الأمر في العهدة، أمّا في المقام فالشكّ ناشئ من احتمال تقيّد الأمر بالإزالة بقيد غير منطبق على من انشغل بالصلاة، فهذا شكّ في سعة الأمر وضيقه، وهو موردٌ للبراءة لا الاشتغال.
للمتّصل؛ إذ ما يُدرينا لعلّ الصلاة مساوية للإزالة. ولكن يبقى مجال واسع للتمسك بالإطلاق في الأمر بالإزالة لعنوان فرض الانشغال بالصلاة، وكان المانع عن التمسّك بهذا الإطلاق هو العلم الإجماليّ كالمتّصل بأنّ أحد الواجبين المتزاحمين أهمّ أو مساو، فسقط إطلاق كلا الدليلين، ولم يرجع باب التزاحم إلى باب التعارض، وهذا المانع في المقام مرتفع؛ لأنّ هذا العلم الإجماليّ انحلّ بالعلم التفصيليّ بأنّ الإزالة أهمّ من الصلاة أو مساو لها بحسب الفرض، فسقط إطلاق الأمر بالصلاة لفرض الانشغال بالإزالة، وبقي إطلاق الأمر بالإزالة لفرض الانشغال بالصلاة سالماً، وبذلك تمّ الترجيح باحتمال الأهمّيّة في المقام، وتثبت بهذا الإطلاق أهمّيّة الإزالة عن الصلاة.
ولكنّ الواقع أنّ وجود العلم الإجماليّ ـ كالمتّصل عادةً في كلّ متزاحمين ـ بأنّ أحدهما أهمّ أو مساو للآخر، رغم عدم إشارة المولى إلى ذلك يكون قرينة كالمتّصل على أنّ المولى ـ في مقام بيان واجباته ـ ليس بصدد بيان القيد الناتج من وجود المزاحم، وهو قيد عدم الانشغال بالفعل الفلانيّ. وانحلال هذا العلم الإجماليّ صدفةً في مورد مّا لا يثبت كون المولى في مقام البيان في ذاك المورد، ولا يوجب تماميّة الإطلاق.