تضادّ بين فعل الأهمّ والجامع بين فعل الأهمّ وفعل المهمّ. إذن، فبحسب الدقّة ليس الأمران المترتّبان بروحهما أمرين بضدّين، فلا موضوع لاعتراض المستشكل بعدم معقوليّة الأمر بضدّين، فلو أمر المولى ـ مثلا ـ بزيارة الإمام الحسين(عليه السلام) في ليلة الجمعة، وأمر أيضاً بزيارة أحد الأئمّة في ليلة الجمعة القابل للانطباق على الإمام الحسين(عليه السلام)، وافترضنا عدم إمكان الجمع بين زيارة الحسين(عليه السلام) وزيارة إمام آخر في ليلة واحدة ـ لبعد المسافة ـ فمن الواضح أنّه لا تصادم بين الأمرين، ولا تضادّ بين المتعلّقين.
بقي الكلام في إبطال شبهة مرتبطة بالمشكلة الرئيسة ـ التي لأجلها عقدوا بحث الترتّب، أعني: لزوم الأمر بضدّين ـ وهي: أنّه لو اُمر بالضدّين بنحو الترتّب، فترك العبد كليهما، فهل يعاقب بعقابين أو يعاقب بعقاب واحد؟
إن فُرِض أنّه يعاقب بعقابين قلنا: إنّ العبد لم تكن له إلاّ قدرة واحدة، ولم يكن يترقّب أن يصدر منه إلاّ تحرّك واحد، فالعقاب الثاني ليس بإزائه تحرّكٌ مقدور قد تركه، وكأنّ العقابين يكونان على عدم صدور تحرّكين منه، بينما هذا عقاب على غير مقدور؛ لأنّه لا يقدر على تحرّكين.
وإن فُرض أنّه يعاقب بعقاب واحد، إذن هذا معناه أنّه لا يوجد إلاّ أمر مولويّ واحد، وهو الأمر بالأهمّ، ولا يوجد أمر مولويّ بالمهمّ، وإلاّ فكيف لم يوجب ذلك الأمر عقاباً عند المخالفة؟ فلو أمر المولى بالمهمّ فهو أمر إرشاديّ يرشد إلى وجود ملاك ضعيف في متعلّقه، وأنّ الإتيان به يفيد المولى ويخفِّف عن خسارته.
وقد ذكر المحقّق النائينيّ(رحمه الله): أنّنا نختار تعدّد العقاب، ورَدَّ على إشكال العقاب على غير المقدور:
أوّلا: بالنقض بما إذا وجب كفايةً على جماعة شيء لا يقبل التعدّد، ولا يمكن صدوره إلاّ من واحد، فترك الكلّ، فهنا لا إشكال في تعدّد العقاب، بمعنى: أنّ الكلّ