المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (8) محــاســبة النفس (1)

5

وهذه المشكلة ليس لها إلّا أحد حلّين:

الحلّ الأوّل ـ أن يستفاد من النفس في حالة صحوها؛ لمحاسبة النفس بلحاظ حالة سباتها وضعفها.

وتوضيح ذلك: أنّ النفس لا تبتلي بالمعصية إلّا نتيجة السبات والضعف أمام المغريات، وبعد ذلك قد تنتقل إلى شيء من الصحوة والعافية لأحد أسباب ثلاثة:

1 ـ إنّه بعد أن ارتكبت ما دعت إليه الشهوة خمدت الشهوة بسبب إشباعها، فهنا قد يأتي دور الصحو ولو نسبياً؛ لأجل خمود الشهوة، وكأنّ هذا هو المعنيّ بالحديث المروي عن الصادق (عليه السلام): «قيل له: أيزني الزاني وهو مؤمن؟ فقال: لا إذا كان على بطنها سُلِبَ الإيمان منه، فإذا قام رُدّ عليه...»(1).

ويلحق بذلك خمود الشهوة بأسباب أُخرى: كضعف المزاج صحيّاً، أو الشيب، أو غير ذلك. فقد يوجب ذلك إدراك دور الصحو.

2 ـ إنّ المغريات التي ضعفت النفس أمامها قد تزول أو تخفّ، فقد يدرك النفس ـ عندئذ ـ دور الصحو ولو نسبياً.

3 ـ إنّ النفس قد تتقوّى ببعض المقوّيات: من سماع وعظ واعظ، أو قراءة قرآن، أو التفكير بالعواقب، أو غير ذلك.

فبأيّ سبب من هذه الأسباب حينما يدرك الإنسان الصحو ولو نسبيّاً ينبغي له أن يغتنم ذلك فرصة لمحاسبة نفسه على ما صَدر عنها في وقت السبات والغفلة والطغيان كما ويجب عليه إيجاد أسباب الصحو بقدر الإمكان بالطرق المباحة حينما لم توجد بذاتها.

والحلّ الثاني ـ ما يتعيّن الالتجاء إليه بالنسبة لمن عجز عن الاستفادة من الحلّ الأولّ، وهو: أن يعيّن شخصاً آخر لمراقبته ومحاسبته، كي يكون المحاسِب غير المحاسَب حتى يصبح الحساب ممكناً.


(1) الوسائل 20/312، الباب. من النكاح المحرم، الحديث 17.