المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (3)

8

فالذي يستعمل هذه الوصفة بهذا الأُسلوب غير الصحيح وهو تأجيل التوبة لا يأمن الابتلاء في يوم موته بالوصف المنقول عن إمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما ورد في نهج البلاغة(1) من قوله: «... اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت، ففترت لها أطرافهم، وتغيّرت لها ألوانهم، ثُمّ ازداد الموت فيهم ولوجاً، فحيل بين أحدهم وبين منطقه، وإنّه لبين أهله ينظر ببصره، ويسمع باُذنه على صحة من عقله وبقاء من لبّه، يفكّر فِيمَ أفنى عمره، وفيم أذهب دهره ويتذكّر أموالاً جمعها أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرّحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تَبِعَات جَمْعِها، وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها، ويتمتّعون بها، فيكون المَهنَأُ لغيره، والعِبءُ على ظهره، والمرء قد غَلِقَتْ رُهُونُهُ بها، فهو يعضّ يديه ندامة على ما أصحر له عند موته من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيّام عمره، ويتمنّى أنّ الذي كان يَغْبِطُهُ بها ويَحْسُده عليها قد حازها دونه...».

وعن إمامنا زين العابدين (عليه السلام) أنّه قال في حديث طويل:

فيا لهف نفسي كم أُسوّف توبتي
وعمريَ فان والردى ليَ نـاظر
وكل الذي أَسلفت في الصحف مثبت
يجازي عليه عادل الحكم قاهر(2)

ومنها ـ الإيمان كما هو صريح القرآن في قوله تعالى: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفّار اولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً﴾(3). وقد جاء قيد الإيمان في عديد من آيات التوبة كقوله:

﴿إلّا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا﴾(4).

﴿وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى﴾(5)

﴿إلّا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات...﴾(6).

﴿والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم﴾(7).


(1) نهج البلاغة: 206 ـ 207، رقم الخطبة: 109.
(2) البحار 46. 87 تحت الخط.
(3) السورة 4، النساء، الآية: 18.
(4) السورة 19، مريم، الآية: 60.
(5) السورة 20، طه، الآية: 82.
(6) السورة 25، الفرقان، الآية: 70.
(7) السورة 7، الأعراف، الآية 153.