المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (1)

2

فأوّلاً ـ يكون التمادي في المعاصي والشهوات في حالة الشباب مانعاً عن التزكية لدى الشيب؛ لأنّ ذلك يوجب ظلمة القلب وانكسار قوة الضمير والوجدان، ولهذا ستكون التوبة لدى الشيب أصعب بكثير من ترك الذنوب لدىالشباب.

وثانياً ـ إنّ الضعف الذي يستولي على الإنسان لدى الشيب يوجب صعوبة الصبر على مشقّة التزكية ومخالفة النفس.

وثالثاً ـ إنّ أكثر الشهوات تزداد لهيباً واشتعالاً لدى الشيب، فلو كانت شهوة الجنس تَخِفّ أو تخمد لدى الشيب ـوهي أمر فطريّ يمكن إشباعه لدى الشباب بالطُرُق المحلّلة عادة ـ فهناك شهوات اُخرى تشتعل وتَلْتَهِب أكثر فأكثر بتقدّم العمر، ويشيب ابن آدم وتشبّ فيه خصلتان: الحرص وطول الأمل، فعن رسول الله (صلى الله عليه و آله): « يهرم ابن آدم ويشبّ منه اثنان: الحرص على المال والحرص على العمر»(1).

وعنه (صلى الله عليه و آله): «يهلك ـ أو قال ـ يهرم ابن آدم ويبقى منه اثنتان الحرص والأمل»(2).

وعن طُرُق العامّة عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «حبّ الشيخ شابّ في طلب الدنيا وإن التفّت ترقوتاه من الكِبَر، إلّا الذين اتقوا، وقليل ماهم»(3).

وإفساد طول الأمل وكذلك اتِّباع الهوى على الإطلاق للنفس أكثر بكثير من مجرّد فوران شهوة الجنس في الشابّ. وقد ورد عن امير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خصلتان: اتِّباع الهوى وطول الأمل، أمّا اتِّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، وأمّا طول الأمل فيُنسي الآخرة»(4). وليس اتِّباع شهوة الجنس إلّا جزءاً يسيراً من اتِّباع الهوى.


(1) البحار 73/161.
(2) البحار 73/161.
(3) المحجّة البيضاء 8/249.
(4) البحار 73/163.