المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (5) ثوب التّقوى وحقيقته

6

يعني: يا شيخ لا تنزعج منّي على أثر تخصص إخلاصي بشيخ آخر غيرك؛ لأنّك أنت الذي وعدت، وهو الذي وفى.

فقال السيد الدرّي سأجيب عن هذا السؤال على منبر الخطاب؛ كي يكون نفعه عامّاً. ثمّ ذكر على المنبر في خطابه: أنّ المقصود بالشيخ الأوّل هو: آدم (عليه السلام) الذي وعد بترك شجرة الحنطة وأخلف. والمراد بالشيخ الثاني هو: أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي ترك الحنطة ولم يكن يشبع من الشعير.

ومات السيد الدرّي في تلك السنة، ورأى ذلك الشاب السائل في عالم الرؤيا في السنة الثانية في نفس ليلة السؤال السيد الدرّي، فقال له السيد: أنت سألتني في السنة السابقة في مثل هذه الليلة عن تفسير البيت الفلاني، فأجبتك بهذا الجواب، ولكنّني الآن في هذا العالم لديّ جواب آخر، وهو: أنّ المقصود بالشيخ الأوّل إبراهيم (عليه السلام) الذي وعد بذبح ابنه. والمراد بالشيخ الثاني الحسين (عليه السلام) الذي وفى بتقديم ابنه عليّ الأكبر (عليه السلام) قرباناً في سبيل الله.

أقول: إن كان لابدّ أن يُحمَل البيت الفارسي الذي أشرنا إليه على معنىً حقّانيّ ومعقول، فهو منحصر في التفسير الأوّل الذي ذكره السيد الدرّي في حال حياته. وأمّا التفسير الذي نقله ذاك الشاب عن عالم رؤياه فلا قيمة له؛ وذلك لأنّ سيدنا إبراهيم على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام لا يستحق اللوم المفهوم من هذا البيت، فإنّه وإن كان لم يفعل ما أُمِر به من ذبح ولده، ولكن لم يكن في ذلك لا الخُلف ولا أقلّ توان في الامتثال، ولم يكن نسخ الله ـ عزّ وجلّ ـ لأمره تماشياً لضعف نفسي في إبراهيم (عليه السلام) ونقص عرفاني فيه، بل قال الله تعالى بشأنه: ﴿قد صدّقت الرؤيا...﴾(1) وقال ـ أيضاً ـ سبحانه عزّ وجلّ بشأن إبراهيم: ﴿وإبراهيم الذي وفّى﴾(2) وقال جلّ وعلا ـأيضاً ـ بشأنه: ﴿واذ ابتلى ابراهيم ربّه بكلمات فأتمهنّ...﴾(3).


(1) السورة 37، الصافات، الآية: 105.
(2) السورة 53، النجم، الآية: 37.
(3) السورة 2، البقرة، الآية: 124.