المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (5) ثوب التّقوى وحقيقته

15

2 ـ وما ورد ـ أيضاً ـ بسند صحيح(1) عن عبدالرحمن بن الحجاج، قال: «ذُكِرَ عند أبي عبدالله (عليه السلام) البلاءُ وما يخصّ الله ـ عزّ وجلّ ـ به المؤمن، فقال: سُئِلَ رسول الله (صلى الله عليه و آله) مَنْ أشدّ الناس بلاءً فيالدنيا؟ فقال: النبيون، ثُمّ الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعدُ على قدر إيمانه وحسنِ أعمالهِ، فَمَنْ صحّ إيمانه وحَسُنَ عمله أشتد بلاؤه، وَمَنْ سخف إيمانه وضَعُفَ عملهُ قلّ بلاؤهُ».

3 ـ وورد ـ أيضاً ـ بسند تام عن سماعة، عن الصادق (عليه السلام) قال: «إنّ في كتاب علي (عليه السلام) أنّ أشدّ الناس بلاءً النبيون، ثُمّ الوصيّون، ثُمّ الأمثل فالأمثل...»(2).

وورد ـ أيضاً ـ في حديث آخر عن الصادق (عليه السلام) قال: «إنّما المؤمن بمنزلة كفّة الميزان كُلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه»(3).

ولعلَّه يدعم هذا التفسير ما ورد ـ أيضاً ـ بسند صحيح عن محمّد بن مسلم قال: «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلّا عرض له أمرٌ يحزنه ويُذكَّر به»(4).

فهذا التذكير يشمل كلَّ درجات التنبيه حتى على مستوى نفض الغبار الذي يصيب قلب العبد المؤمن وحتى ذاك الغبار الطفيف الذي عبّر عنه رسول الله (صلى الله عليه و آله) ـ لو صحّت الرواية الماضية ـ بقوله: «إنّه ليغان على قلبي...»(5).

وهناك تفسير ثان لتلك الروايات، وهو: أن تكون ناظرة إِلى ما في البلايا والمحن مِن رفع الدرجات وعظيم الثواب، كما تؤيّد هذا التفسير عدّة روايات من قبيل: ما رُوِيَ عن أبي يحيى الحنّاط، عن عبدالله بن يعفور قال: «شكوت إِلى أبي عبدالله (عليه السلام) ما ألقى من الأوجاع ـ وكان مسقاماً ـ فقال لي: يا عبدالله لو يعلم المؤمن ماله من الأجر في المصائب لتمنّى أنّه قُرِّض بالمقاريض»(6).


(1) نفس المصدر السابق الحديث 2.
(2) نفس المصدر السابق: 259، الحديث 29.
(3) نفس المصدر السابق: 254، الحديث 10.
(4) نفس المصدر السابق: 254، الحديث 11.
(5) المحجة 7/17.
(6) أُصول الكافي 2/255، باب شدة ابتلاء المؤمن من كتاب الإيمان والكفر، الحديث 15.