المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (4) حقائق عن التّصوّف

9

ومن الروايات الطريفة ما ورد في روضات الجنّات(1) من أن شقيق البلخي سأله(2) جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) يوماً عن الفتوّة؟ فقال: «ما تقول أنت؟ فقال شقيق: إن أُعطينا شكرنا، وإن مُنِعنا صبرنا. فقال الصادق (عليه السلام): الكلاب عندنا بالمدينة كذلك تفعل! فقال شقيق: يابن رسول الله ما الفتوّة عندكم؟ فقال: إن أُعطينا آثرنا، وإن مُنِعنا شكرنا».

والثاني ـ الفضيل بن عياض، وقد مضى فيما سبق في حديثنا عن النقطة الثانية ذكر قِصّة توبته لدى سماعه لقارئ يقرأ: ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله...﴾(3). فقال ياربّ قد آن. وقد ذكر النجاشي (رحمه الله) عنه أنّه عاميّ ثقة، وأنّ له نسخة يرويها عن الإمام الصادق (عليه السلام) (4).

وقد نقل المحدّث القمي (رحمه الله) عن المحدث النوري (رحمه الله) أنّه ذكر في المستدرك في شرح حال كتاب مصباح الشريعة: لا أستبعد أن يكون المصباح هو النسخة التي رواها الفضيل، وهو على مذاقه ومسلكه، والذي أعتقده أنّه جمعه من ملتقطات كلماته (عليه السلام) في مجالس وعظه ونصيحته، ولو فُرِضَ فيه شيء يخالف مضمونه بعض ما في غيره وتعذّر تأويله، فهو منه على حسب مذهبه، لامن فريته وكذبه، فإنّه ينافي وثاقته انتهى(5).


(1) السورة 20، طه، الآية: 82.
(2) البحار 48/80 ـ 82، وراجع أيضاً منتهى الآمال: 2/205 ـ 206.
(3) روضات الجنّات 4/108.
(4) هكذا ورد فيما عندي من نسخة روضات الجنّات، وأظن أنّ الصحيح: سأل (يعني شقيق) جعفر بن محمد.
(5) السورة 57، الحديد، الآية: 16.