المولفات

المؤلفات > أبحاث في بعض مسائل وفروع النكاح والطلاق أو الفسخ / العيوب التي يفسخ بها النكاح

5

ومجرّد قوله: أنا من بني فلان كما في رواية الحلبي، أو: أبيع الدوابّ كما في هذه الرواية، لا يدلّ على وقوع ذلك بعنوان الشرط في ضمن العقد حتى يحمل الفسخ فيهما على الفسخ بخيار تخلّف الشرط، فالظاهر أنّه محمول على خيار التدليس.

وهذه الروايات، ما كان منها في فسخ الرجل للتدليس في طرف المرأة، يمكن التعدّي من ذلك إلى العكس، أي فسخ المرأة في عقد وقع التدليس فيه لصالح الرجل، وذلك بالأولوية العرفية أو المساواة على الأقل؛ فإنّ الرجل الذي بإمكانه الطلاق في ذاته، وبقطع النظر عن حالة استثنائية كالمرض أو التدليس، إن كان له حقّ الفسخ بالنظر للحالة الاستثنائية، فالمرأة التي
لا سبيل لها إلى الطلاق في ذاته، يكون لها هذا الحقّ بالطريق الأولى أو المساوي على الأقل.

أمّا ما كان من تلك الروايات في فسخ المرأة لدى تدليس الرجل، فقد يصعب التعدّي منها إلى العكس؛لأنّ المرأة لم يكن بيدها الطلاق في حدّ ذاته بقطع النظر عن الطوارىء، وإن كان يحتمل التعدّي العرفي هنا أيضاً بدعوى أنّ العرف يفهم من حقّ الفسخ للمرأة، كون العقد في ذاته معيباً بسبب التدليس عيباً لم يؤدّ إلى البطلان، ولكن أدّى إلى عدم اللزوم وجواز الفسخ، وهذا غير الطلاق الذي لم يكن يعني كون العقد معيباً، فإن كان العقد معيباً بتدليس الرجل، موجباً لفسخ المرأة تعدّى العرف إلى تدليس المرأة، ورآه موجباً لتعيّب العقد أيضاً، ولم يحتمل الفرق بين الطرفين.

وعلى أيّ حال، فقد ظهر بهذا العرض أنّ عمدة الدليل على خيار التدليس في النكاح من الروايات هي صحيحة الحلبي في من قال لها: أنا من بني فلان ولم يكن منهم، بناءً على أنّ هذا تدليس وليس شرطاً، فإنّه يتعدّى من التدليس بقوله: أنا من بني فلان إلى التدليس في العيب بطريق أولى، وهذه الصحيحة كما ترى مخصوصة بتدليس الرجل، وقد عرفت الاستشكال في التعدّي من ذلك إلى تدليس المرأة.