وقد يقال في الجواب: إنّ السؤال كان مطلقاً، فيحمل الجواب بقرينة أصالة التطابق مع السؤال على مطلق عيب مدلّس، فإنّ النكتة التي شرحناها في الصحيحة الثانية ـوهي كون الفسخ اُخذ مفروغاً عنهـ لم تكن تقتضي التقييد وإنّما كانت رافعة لمقتضى الإطلاق، ولا ينافي ذلك افتراض نكتة اُخرى للإطلاق في الصحيحة الاُولى وهي إطلاق السؤال مع أصالة التطابق بين السؤال والجواب.
إلّا أنّ هذا الجواب إنّما يتمّ لو فرض رجوع الضمير المستتر في قوله في السؤال: «فوجدها» إلى الزوج، ولكنّ الظاهر أنّ الضمير راجع إلى الرجل الوسيط، وهذا يعني أنّ السؤال أيضاً منصبّ على أنّ هذا الوسيط هل يضمن المهر أم لا؟ وذلك بعد فرض الفسخ، فلا يتمّ الإطلاق حتى في السؤال.
3 ـ وصحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر قال في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها، قال، فقال: «إذا دلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها، فإن لم يكن وليّها علم بشيء من ذلك فلا شيء عليه وتردّ على أهلها...»(1).
وعيب الدلالة في هذا الحديث: هو أنّه رغم كون السؤال عن مطلق العيب جاء الجواب عن عيوب مخصوصة، وحملها على المثالية لكي يفي الجواب بإطلاق السؤال ليس واضحاً، على أنّ تقييد الزمانة بالظاهرة ظاهر في أنّه ليس كلّ زمانة توجب الفسخ ولو كانت مخفيّة(2).
4 ـ ورواية رفاعة بن موسى ـوفي سندها سهلـ عن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله ـإلى أن قال:ـ وسألته عن البرصاء، فقال: «قضى أمير المؤمنين في امرأة زوّجها وليّها وهي برصاء، أنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها وأنّ المهر على الذي زوّجها، وإنّما صار عليه المهر لأنّه دلّسها، ولو أنّ رجلاً تزوّج امرأة، وزوّجه إيّاها رجل لا يعرف دخيلة أمرها، لم يكن عليه شيء، وكان المهر يأخذه منها»(3).
ووجه الاستدلال بهذا الحديث رغم وروده في خصوص البرصاء أحد أمرين:
إمّا التمسّك بعموم التعليل في قوله: «وإنّما صار عليه المهر لأنّه دلّسها».