المولفات

المؤلفات > أبحاث في بعض مسائل وفروع النكاح والطلاق أو الفسخ/حقّ الطلاق أو الفسخ في غير العيوب المعروفة

6

الفرع الرابع: لو شكت الزوجة حرجاً عليها أو ضرراً في عيشها معه برغم عدم ظلمه إيّاها لمثل حالة نفسيّة فيها من دون قصور أو تقصير منه بشأنها، فدليل نفي الحرج أو الضرر لا يجري في المقام؛ لأنّ الحرج أو الضرر لم يتوجّه منه إليها، ودليل نفيهما ينصرف بمناسبات الحكم والموضوع عن تجويز هضم حقّ الغير، أو يسقط بالتعارض، فلاتُباح مثلاً السرقة لمجرّد حرج أو ضرر، ومن دون وصول الحالة إلى ما يشبه حفظ النفس، فيشملها دليل آخر؛ لأنّ في السرقة هضماً لحقّ المسروق منه وإضراراً به، وقد يكون حرجاً عليه، فكما أنّ حرمة السرقة حرجيّة أو ضرريّة على الجائع الذي لم يصل حاله إلى مستوى الخطورة كذلك جوازها حرجيّ أو ضرريّ على صاحب المال.

والأدلّة الخاصّة التي سردناها كلّها واردة في فرض سلب الزوج حقّاً من حقوق الزوجة: من قطع النفقة، أو ترك الجماع، أو فعل الظهار، أو الإيلاء، أو الإمساك بغير معروف، والتعدّي من كلّ هذه الموارد إلى مثل فرض حرج نفسيّ على الزوجة لامبرّر له، بل ورد في الروايات ما يظهر منه المنع عن حقّ مطالبة الزوجة بالطلاق في اُمور حرجيّة غير ناشئة من ظلم الزوج، أو من عيب ثابت قبل العقد ما دامت النفقة جارية عليها، من قبيل صحيحة الحلبيّ، عن أبي عبدالله: إنّه سئل عن المفقود فقال: «المفقود إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي، أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب فيها، فإن لم يوجد له أثر أمر الوالي وليّه أن ينفق عليها، فما أنفق عليها فهي امرأته»، قال: قلت: فإنّها تقول: فإنّي اُريد ما تريد النساء، قال: «ليس ذاك لها، ولاكرامة، فإن لم ينفق عليها وليّه أو وكليه أمره أن يطلّقها، فكان ذلك عليها طلاقاً واجباً»(1).

بل المستفاد من هذه الرواية أنّه بالنسبة إلى المفقود لا يطلّق الوالي قبل مضيّ أربع سنين حتّى لأجل عدم الإنفاق الناتج عن كونه مفقوداً، بل في رواية تامّة السند: «إنّها إن علمت أنّه في أرض فهي منتظرة له أبداً حتّى يأتي موته، أو يأتيها طلاق»(2).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

20. ذي القعدة. 1419 هـ ق
كاظم الحسينيّ الحائريّ


(1) الوسائل 22: 158 بحسب طبعة آل البيت، الباب 23 من أقسام الطلاق، الحديث 4. وراجع أيضاً باقي روايات الباب.
(2) الوسائل 20: 506 بحسب طبعة آل البيت، الباب 44 ممّا يحرم بالمصاهرة، الحديث 2.