الثاني ـ أنّ المقولات لمكان واقعيّتها لا تختلف باختلاف الأنظار، ولا تتفاوت بتفاوت الاعتبارات، فالسقف الملحوظ إلى ما دونه فوق في جميع الأنظار، وبالإضافة إلى السماء تحت بجميع الاعتبارات، بينما الملك يختلف حاله باختلاف الأنظار، فمثلا: المعاطاة قد تفيد الملك في نظر العرف ولا تفيده في نظر الشرع.
الثالث ـ أنّ العَرَض كونه في نفسه عبارة عن كونه في محلّه فيحتاج إلى محلّ محقّق في الواقع، فإن فرض المحلّ الذي يعرض عليه الملك عبارة عن المملوك انتقض بتعلّق الملكيّة أحياناً بالكليّ في الذمّة، وإن فرض عبارة عن المالك انتقض بتعلّق الملكيّة أحياناً بالجهة من دون وجود مالك خارجي، ككون الزكاة ملكاً لطبيعيّ الفقير.
ثمّ أورد (رحمه الله) برهانين على عدم كون الملك أمراً انتزاعيّاً منتزعاً من الحكم التكليفيّ:
الأوّل ـ أنّ قيام الحيثيّة الانتزاعيّة بمنشئها يصحّح صدق العنوان المأخوذ منها على منشئها، فقيام الحيثيّة الخاصّة بالسقف الذي هو منشأ انتزاع الفوقيّة يصحّح صدق عنوان الفوق عليه، بينما في المقام لا يصدق العنوان المأخوذ من الملك ـ وهما المالك والمملوك ـ على الحكم التكليفي الذي فرض منشأً لانتزاع الملكيّة.
والثاني ـ أنّ الملكيّة قد تكون من دون ثبوت للحكم التكليفي الذي يفترض منشأ لانتزاعها ـ وهو جواز التصرف ـ كما في المحجور لصغر أو جنون أو سفه أو فلس.
وقد افترض (رحمه الله) إلى جانب افتراض انتزاع الملكيّة من الحكم التكليفي افتراضين آخرين: