المولفات

المؤلفات > تصوّرات عامّة عن الملك

14

وكأنّ السيّد الخوئي (رحمه الله) وقع هنا في الخطأ على أساس تخيّل أنّ الملكيّة فرع المالية، بمعنى كون الشيء ذا قيمة اجتماعيّة، فحينما افترض عدم القيمة الاجتماعيّة للطين أو للماء لدى النهر أو للثلج في الشتاء وأنّ القيمة خلقت فيه بالعلاج أو ما شابه العلاج نسب الملكيّة إلى العلاج أو ما شابهه، بينما لا مبرّر لربط الملكيّة بالماليّة بمعنى التقييم الاجتماعيّ، فالمفهوم عقلائيّاً ـ وكذلك شرعاً ولو بالإمضاء ـ أنّ الطين أو الماء أو الثلج ملكه ابتداءاً بالحيازة، واستمرّت ملكيّته له بعد صنعه كوزاً أو إبعاد الماء عن النهر أو إبقاء الثلج إلى الصيف، كما يشهد لذلك ما أشرنا إليه من أنّ هذا العلاج أو ما شابهه حينما ينصبّ على المادة التي حازها شخص آخر تكون النتيجة لذاك الشخص الآخر.

وقد جاء في كتاب مصباح الفقاهة(1) الذي هو أيضاً تقرير لبحث السيّد الخوئي (رحمه الله) الاعتراف بأنّ المملوك قد لا يكون مالا، إلّا أنّ هذا الاعتراف إنّما جاء منه فيما يكون السبب في عدم التقييم الاجتماعي له قلّته وضآلته كحبّة من الحنطة المملوكة. ولا أدري هل يفترض أنّ هذه الحبّة إنّما تكون مملوكة ضمن حبّات كثيرة، فلو فصلت عنها واُعدم الباقي مثلا لم تكن مملوكة؟ وهذا غريب، أو يفترض أنّها مملوكة حتى لو فصلت عن أخواتها؟ فأيّ فرق بين فرض فقدان الماليّة لأجل الضآلة والقلّة وفرض فقدانها لأجل كون الثلج في الشتاء، أو كون الماء قريباً من النهر؟! بل وحتى الماء قريباً من النهر إنّما لا يموّل لقلّته بدليل أنّ نفس ماء النهر يموّل.

رأي السيّد الشهيد (رحمه الله):

وأمّا اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) فإنّه أيضاً جعل المنشأ لملكيّة الإنسان لأمواله المنفصلة عنه بحسب الارتكازات العقلائيّة أحد أمرين: الحيازة أو العلاج، إلّا أنّه لم يفترض العلاج مملّكاً في مثل الطين أو الماء والثلج كي يرد عليه ما ورد على السيّد الخوئي(رحمه الله)، بل ذكر ذلك لأجل التفصيل بين المنقولات وغير المنقولات. ففي المنقولات يكون التملّك الأوّلي بالحيازة، وفي غير المنقولات كالأرض يكون التملّك الأوّلي بالعلاج كالزراعة أو التعمير.


(1) مصباح الفقاهة 2: 4.