المولفات

المؤلفات > محل الذبح في الحجّ

11

ومن المعلوم أنّه ليس المقصود بذلك أنّ من كان ضمن كثرة الناس منزله في داخل منى صدفة ـأي لم يكن من الذين ارتفعوا نتيجة ضيق المكان إلى وادي محسّرـ جاز له الذبح والحلق في وادي محسّر، بل إنّ هذا الحكم يختص بمن ارتفع سكناه نتيجة الضيق إلى وادي محسّر.

نعم، لا يبعد التعدّي العرفي من الضيق إلى أيّ عذر مانع من الأعمال في داخل منى، فلو أنّ الحكومة منعت عن الذبح في منى جاز الذبح في وادي محسّر، ولكنّه يرجع للحلق إلى منى.

وقد اتضح من جميع ما مضى أنّه عند منع الحكومة الذبح في منى تصل النوبة أوّلا إلى الذبح في وادي محسّر، وثانياً إلى الذبح في مكة وما حواليها.

الأمر الثاني ـ لو كان منع الحكومة خاصّاً ببعض أيّام التشريق مثلا، فدار الأمر بين تأخير الذبح إلى أن ينتهي المنع أو تقديمه في اليوم العاشر مع ذبحه في وادي محسّر أو مكة، فأيّهما أولى؟

وكذلك لو لم نؤمن بترجيح مكة أو ما حواليها فدار الأمر بين تأخير الذبح لكي يقع في منى أو تقديمه في اليوم العاشر مع الذبح في أيّ مكان آخر، فأيّهما أولى؟

لا إشكال في أنّ موثقة سماعة التي مضت بشأن وادي محسّر قد دلّت على أنّ وادي محسّر قد أصبح لدى ضيق المكان بحكم منى، وبعد فرض التعدي إلى العجز تكون النتيجة أنّ وادي محسّر في ساعة العجز محكومٌ بحكم منى، فلو تم منع الحكومة عن الذبح في منى في اليوم العاشر صحّ الذبح في وادي محسّر، فلا داعي للتأجيل إلى يوم آخر يرتفع فيه المنع.

وكذلك لو آمنّا بالاستدلال بصحيحة معاوية بن عمار(1) ومعتبرة النضر ابن قرواش(2) الواردتين في من نسي الذبح حتى زار البيت فذبحه في مكة، فهذا أيضاً يدلّ ـبعد فرض التعدّي إلى العجزـ على أنّ العجز عن الذبح في منى في اليوم العاشر كاف للذبح في ذلك اليوم في مكة، ولا حاجة إلى تأجيل الذبح إلى يوم يرتفع فيه العجز، فالاحتياط الوارد في التقيد مع الإمكان بالذبح في اليوم العاشر يوجب في هذين الفرضين أولوية تقديم الذبح.

ولكن بما أنّ السّيد الخوئي (رحمه الله) لم يلتفت إلى شيء من هاتين الروايتين فقد أفتى بضرورة تأجيل الذبح إلى يوم يرتفع فيه المنع، وأنّه يحلّ بالحلق ويؤخّر الذبح إلى حين التمكن ولو كان آخر أيّام التشريق، بل وحتى آخر أيّام ذي الحجة(3).


(1) المصدر السابق 14: 176، ب 44 من الذبح، ح 1.
(2) المصدر السابق: ح 2.
(3) المعتمد، كتاب الحجّ 5: 213.