المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

37

وأمّا الثاني ـ وهو دعوى جواز تسليم المال إلى وليّ الأمر من أوّل الأمر بما هو وليّ للمالك يلحظ مصالح المالك بلا حاجة إلى التعريف فيما يعرّف ولا إلى التصدّق فيما لا يعرّف ولا في لقطة الحرم ـ: فغاية ما يمكن أن يقال في وجهه: إنّه مع إمكانية إيصال المال إلى وليّ المالك الذي هو بمنزلة إيصاله إلى المالك لا يفهم العرف من الأمر بالتعريف أو التصدّق إيجاب التعريف أو التصدّق تعيينيّاً في مقابل الإيصال إلى وليّ المالك، بل يفهم بمناسبات الحكم والموضوع كونه عِدلاً لإيصال المال إلى وليّ المالك سنخ أنّ الأمر عند توهّم الحظر يفيد الإباحة لا الوجوب.

والصحيح أنّ ظاهر تلك الأدلّة بمناسبات الحكم والموضوع ينحلّ إلى أمرين: أحدهما: تعيين الإجراء الذي يجب أن يتّخذ بإزاء هذا المال بحيث حتّى لو أنّ الوليّ أخذ هذا المال كان الإجراء الذي لابدّ أن يتّخذه هو التعريف أو التصدّق، والثاني: أنّ الملتقط هو الذي قد انشغلت عهدته بهذا الإجراء لأجل ما صنعه من وضع يده على هذا المال فيجب عليه: إمّا أن يقوم هو بهذا الإجراء، أو يسلّم المال إلى من يثق بأنّه يقوم به، أو يثبت له ـ ولو ثبوتاً تعبّديّاً ـ قيام شخصٍ ما بهذا الإجراء.

وما مضى من استظهار العِدلية لإيصال المال إلى وليّ المالك لو تمّ فإنّما هو في مقابل الظهور الثاني، فهو الذي يكون من سنخ الأمر عند توّهم الحظر لا الأوّل، أي أنّ أصل التعريف أو التصدّق لابدّ من تحقّقه، ولكن يجوز للملتقط أن يعتمد على الوليّ بتسليم المال إليه مادام يحتمل أنّه سيقوم الوليّ بالإجراء اللازم، ولا تبعد صحّة هذا الاستظهار.

وأمّا الثالث: وهو دعوى جواز التسليم للقطة إلى وليّ الأمر من أوّل الأمر لا بما هو وليّ للمالك يراعي ما ينبغي من إجراء بشأن مال المالك، بل باعتباره هو صاحب الأموال المجهولة المالك وأنّ كلّ ما مضى من الأمر بالتصدّق أو إباحة التملّك أو إيجاب التعريف إنّما هي أوامر وردت من قبل المالك وهو الإمام لا أحكام شرعية ذكرها الإمام باعتباره أميناً على الأحكام، من دون فرق في ذلك بين الحيوان وغيره، ويمكن الاستدلال على هذا المدّعى بعدّة روايات:

1 ـ ما مضى عن الفضيل بن يسار (1) عن أبي الحسن في رجل كان في يده مال لرجل ميّت لا يعرف له وارثاً كيف يصنع بالمال؟ قال: "ما أعرفك لمن هو!" يعني نفسه (2). فإذا ثبت بهذا الحديث أنّ مجهول المالك للإمام ففي زمن الغيبة يكون أمره موكول الى نائبه وهو الفقيه.

إلا أنّ احتمال الخصوصية هنا وارد وذلك:

أوّلاً: لأنّ في مورد الحديث يحتمل كون المال لميّت بلا وارث، ولعلّ هذا الاحتمال دخيل في الحكم بكونه للإمام.

وثانياً: لأنّه في المورد لم يكن التقاط ولا إمكانية التعريف، فلعلّ الالتقاط في مورد يجوّز تملّك اللقطة ولو بعد الفحص يعطي للملتقط أولوية بالنسبة للمال تمنع عن دخوله في ملك الإمام، ولعلّ إمكانية التعريف واحتمال الوصول إلى المالك يوجبان عدم دخول المال في ملك الإمام. ومع هذا، فالحديث ضعيف السند.


(1) المصدر السابق 17: 586، ب. من ميراث الخنثى، ح 12. و: 551، ب. من ولاء ضمان الجريرة، ح 13.
(2) المصدر السابق: 352، ب. من اللقطة، ح 14.