المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

31

حـ ـ الاحتفاظ باللقطة كأمانه:

وأمّا الاحتفاظ باللقطة كأمانة فيمكن إثبات جوازه تارة بمقتضى القواعد، واُخرى بالنص الخاص.

أمّا بمقتضى القواعد: فأمّا أن يقال: إذا جاز التملّك فبالفحوى العرفية يجوز حفظها كأمانة، أو يقال: إنّ دليل التملّك لا يستفاد منه أكثر من الرخصة، ودليل التصدّق في غير لقطة الحرم وما لا يمكن تعريفه أيضاً لا يستفاد منه الوجوب، واحتمال كون جواز الالتقاط منوطاً بالتملّك او التصدّق غير وارد؛ لما دلّت

عليه بعض روايات الالتقاط من كون المناط في جواز الالتقاط هو الالتزام بالتعريف (1)، وعند الشك في وجوب الجامع بين التملّك والتصدّق في مقابل الاحتفاظ كأمانة نجري البراءة عن الوجوب (2) وأصالة جواز الاحتفاظ كأمانة، فإذا احتفظ بها كأمانة وتلفت من دون تفريط لم يكن هناك دليل على الضمان.

إلا أنّ إثبات جواز الاحتفاظ باللقطة كأمانة بمقتضى القواعد يتوقّف على إثبات كون الملكية في اللقطة اختيارية لا قهرية، وإلا فلا معنى للاحتفاظ بها كأمانة ويبقى ضامناً لو وجد بعد ذلك المالك الأصلي وكان المال تالفاً ولو بلا تفريط.

وأمّا بمقتضى النص الخاص: فلو ثبت حقاً نص خاص يدلّ على ذلك كان بنفسه دليلاً على عدم كون الملك قهرياً، فيحمل دليل الملك على الملك الاختياري. وما يمكن افتراضه نصاً خاصاً بهذا الصدد روايتان:

الرواية الاُولى: رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر: سألته عن الرجل يصيب اللقطة دراهم أوثوباً أو دابّة، كيف يصنع؟ قال: "يعرّفها سنة، فإن لم يعرف صاحبها حفظها في عرض ماله حتى يجيء طالبها فيعطيها إياه، وإن مات أوصى بها، فإن أصابها شيء فهو ضامن" هكذا رواه في الوسائل ب. من اللقطة (3)، ورواه في ب 20 من اللقطة عن التهذيب (4) مع حذف كلمة صاحبها، وتبديل قوله: "فإن أصابها شيء فهو ضامن" بقوله: "وهو لها ضامن".

وجه الاستدلال بهذه الرواية هو حمل قوله: "حفظها في عرض ماله" على معنى حفظها كأمانة.

ويمكن المناقشة في هذا الاستدلال بعدّة وجوه:


(1) اُنظر: المصدر السابق: 348، ب. من اللقطة، ح 1. وب 2، ح 2، 12. وب 20، ح 1. وج 9: 362، ب 28 من مقدمات الطواف، ح 2، 5.
(2) قد يقال: إنّه لو لم يتملّك المال ولم يتصدّق به لم تصل النوبة الى الاحتفاظ بالمال كأمانة إذا كان من الممكن إيصال المال الى وليّ مالكه وهو الحاكم الشرعي، فالعمدة في إثبات جواز الابقاء كأمانة هي فحوى جواز التملّك.
(3) وسائل الشيعة 17: 352، ح 13.
(4) المصدر السابق: 352، ح 2.