المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

29

ولكن احتمال الخصوصية هنا واضح جّداً؛ فإنّ مال من لا وارث له للامام أو لبيت مال المسلمين، وقد أمر الامام بإعطائه لهمشاريجه، فكيف يمكن التعدّي منه الى باب اللقطة؟!

على أنّه لو تمّت دلالة هذه الروايات على التصدّق في موردها ممّا ليس فيها تعريف فلا تصلح دليلاً على التصدّق في مقابل رواية الملكية القهرية بعد التعريف.

4 ـ ما مضى من رواية إسحاق بن عمّار الآمرة بالتصدّق بالدراهم التي وجدت مدفونة في بعض بيوت مكة (1).

إلا أنّ هذا الحديث وارد في الكنز وسواء اقتصرنا على مورده من الكنز في الحرم مثلاً او تعدّينا الى مطلق الكنز لا يصلح دليلاً على التصدّق في مقابل الملكية القهرية في اللقطة بعد التعريف.

5 ـ ما دلّ على التصدّق بعد التعريف ثلاثة أيّام، وهو ما مضى من حديث أبان بن تغلب فيمن أصاب ثلاثين ديناراً (2)، وما مضى أيضاً من حديث ابن أبي يعفور الحاكم بالتصدّق بالشاة الملتقطة بعد تعريفها ثلاثة أيام (3).

ولكن مضى أنّهما ضعيفان سنداً، على أنّهما لا يدّلان على التصدّق في مقابل الملكية القهرية بعد التعريف سنة.

6 ـ ما دلّ على التصدّق بعد التعريف سنة؛ وذلك إمّا بالتقييد في متن الحديث بتعريف سنة أو إنّه غير مقيّد بذلك في متن الحديث ولكنّه يقيّد بروايات وجوب التعريف سنة. وقد وردت بهذا الشكل عدّة روايات:

1 ً ـ ما رواه حسين بن كثير عن أبيه قال: سأل رجل أمير المؤمنين عن اللقطة فقال: "يعرّفها، فإن جاء صاحبها دفعها إليه وإلا حبسها حولاً، فإن لم يجئ صاحبها أو من يطلبها تصدّق بها، فإن جاء صاحبها بعد ما تصدّق بها إن شاء اغترمها الذي كانت عنده وكان الأجر له، وإن كره ذلك احتسبها والأجر له" (4).

ولعلّ ظاهر هذا الحديث أنّ التعريف لا يجب بمقدار سنة، بل يعرّفها ثم يحبسها عنده سنة بأمل أن يأتي صاحبها فيأخذها، ويمكن تقييده بروايات وجوب التعريف سنة. وعلى أيّ حال فهذا الحديث أمر بالتصدّق بعد انتهاء الحول، إلا أنّه ضعيف سنداً.

2 ً ـ ما رواه حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعاً واللصّ مسلم، هل يردّ عليه؟ فقال: "لا يردّه، فإن أمكنه أن يردّه على أصحابه فعل، وإلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرّفها حولاً، فإن أصاب صاحبها ردّها عليه، وإلا تصدّق بها، فإن جاء طالبها بعد ذلك خيّره بين الأجر والغرم، فإن اختار الأجر فله الأجر، وإن اختار الغرم غرم له وكان الأجر له" (5). إلا أنّ سند الحديث ضعيف.


(1) المصدر السابق: 358، ح 3.
(2) المصدر السابق: 350 ـ 351، ب. من اللقطة، ح 7.
(3) المصدر السابق: 365، ب 13 من اللقطة، ح 1.
(4) المصدر السابق: 350، ب. من اللقطة، ح 2.
(5) المصدر السابق: 369، ب 18 من اللقطة، ح 1..