المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

28

حـ ـ وإن قلنا بأنّ المستفاد ممّا مضى هو الملكية القهرية فلا معنى لمشروعية التصدّق مع فرض الملكية القهرية إلا بمعنى تصدّق الانسان بما يملكه، وليس هذا هو المقصود قطعاً في التصدّق الذي يقال به في اللقطة، فهنا يجب أن نرى هل يوجد نص خاص يدلّ على مشروعية التصدّق في اللقطة غير النصوص الواردة في لقطة الحرم وما لا يقبل التعريف أو لا؟ فإن وجدنا نصاً من هذا القبيل وقع التعارض بينه وبين ما دلّ على الملكية القهرية.

ويمكن الجمع بينهما بوجهين:

أحدهما: حمل رواية التصدّق على استحباب التصدّق بما ملكه بالالتقاط والتعريف.

والثاني: حمل رواية الملك على الملكية الاختيارية. ولعلّ الثاني أوفق بالفهم العرفي.

فلنفحص لنرى هل يوجد نص من هذا القبيل أو لا؟

فنقول: إنّ روايات التصدّق على أقسام:

1 ـ ما مضى في التصدّق بلقطة الحرم: وقد عرفت أنّ هذا لا يفيدنا في المقام في مقابل رواية الملكية القهرية في لقطة غير الحرم.

2 ـ ما مضى في التصدّق بما لا يمكن تعريفه: وقد عرفت أنّ هذا لا يفيدنا في مقابل رواية الملكية القهرية بعد التعريف فيما يمكن تعريفه.

3 ـ ما ورد في التصدّق بمال من مات ولم يعرف له وارث، كما ورد عن يونس عن نصر بن حبيب صاحب الخان قال: كتبت الى عبد صالح: لقد وقعت عندي مئتا درهم وأربعة دراهم وأنا صاحب فندق ومات صاحبها ولم أعرف له ورثة، فرأيك في إعلامي حالها وما أصنع بها، فقد ضقت بها ذرعاً؟ فكتب: "اعمل فيها وأخرجها صدقة قليلاً قليلاً حتى يخرج" (1).

وقال الصدوق في ذيل الرواية الثانية لهشام بن سالم الماضية: "وقد ورد في خبر آخر: إن لم تجد له وارثاً وعرف الله عزّ وجلّ منك الجهد فتصدّق بها" (2).

وكلتا الروايتين ساقطة سنداً، على أنّ احتمال الخصوصية في موردهما موجود، ولا يمكن التعدّي الى مورد اللقطة.

نعم، لو حملنا روايات إعطاء مال من مات وليس له أحد تعطى (لهمشاريجه) (3) على التصدّق ففيها ما هو تام سنداً، فعن خلاد السندي بسند تام عن أبي عبد الله قال: "كان علي يقول في الرجل يموت ويترك مالاً وليس له أحد: اعط المال همشاريجه" (4).


(1) وسائل الشيعة 17: 583، ب. من ميراث الخنثى، ح 3. ط ـ المكتبة الاسلامية.
(2) المصدر السابق: 585، ب. من ميراث الخنثى، ح 11.
(3) معرّبة عن الفارسية بمعنى: رجل من أهل بلاده.
(4) وسائل الشيعة 17: 551، ب. من ولاء ضمان الجريرة والامامة، ح 1.