المولفات

المؤلفات > التعزير أنواعه و ضوابطه

9

إلّا أنّ الذي يضعّف هذا الكلام هو: أنّ الشيخ الطوسي(رحمه الله) نسب في كتاب الخلاف إلى قاطبة أهل السنّة أنّهم يرون في ذلك التعزير، لا الحدّ(1)، إذاً فلو اُريد الحمل على التقيّة فلعلّ الأولى حمل روايات التسعة والتسعين على التقيّة لا العكس.

وكيف كان فالظاهر أنّ المشهور عندنا فقهياً عدم ثبوت الجلد لمجرّد الاجتماع في ثوب واحد من دون عمل، بل لعلّه لم يعرف قائل بذلك عدا أبي عليّ.

نعم، ظاهر عبارة الشيخ في الخلاف ذلك(2) إلّا أنّه في التهذيب ذهب إلى خلاف ذلك(3).

وذكر السيّد الخوئي في مباني تكملة المنهاج أنّه نقل عن أبي عليّ والصدوق الحدّ مئة سوط(4).

أقول: قد صرّح الصدوق(رحمه الله) في من لا يحضره الفقيه(5) بخلاف ذلك حيث حمل روايات المئة على فرض الاقرار أو البيّنة، وحمل روايات التسعة والتسعين على فرض علم الإمام بما يوجب الحدّ من دون إقرار ولا بيّنة، فينقص سوط واحد لأجل عدم الاقرار وعدم البيّنة.

وعلى أيّ حال فإذا فرض أنّ عدم تواجد قائل غير أبي عليّ بمفاد روايات المئة أوجب فقدان الوثوق المشترط في حجية الروايات، فالمتعيّن هو الافتاء بروايات الضرب تسعة وتسعين سوطاً.

بل قد يقال بأنّ الضرب تسعة وتسعين أيضاً غير واجب، وإنّما يرجى تقدير الموقف إلى الحاكم وذلك لما ورد عن طلحة بن زيد بسند تام عن جعفر عن أبيه(عليهما السلام) أنّه رفع إلى أمير المؤمنين رجل وجد تحت فراش امرأة في بيتها، فقال: «هل رأيتم غير ذلك؟ قالوا: لا، قال: فانطلقوا به إلى مخروة(6) فمرّغوه عليها ظهراً لبطن ثمّ خلّوا سبيله»(7).


(1) انظر: الخلاف 3: 178، كتاب الحدود، م 9.
(2) الخلاف 3: 178، م 9.
(3) التهذيب 10: 43 ـ 44.
(4) مباني تكملة المنهاج 1: 240.
(5) الفقيه 4: 15.
(6) «مَخرُأَة»: اسم موضع الخرء، أي العذرة، انظر القاموس المحيط، مادة «خرئ».
(7) الوسائل 18: 410، ب 40 من حدّ الزنا، ح 2.