المولفات

المؤلفات > نظرة الإسلام إلى الحقوق الزوجيّة

4

وممّا أعمله الإسلام في سبيل الحفاظ على هذا الأساس اُمور أربعة:

الأوّل: تعظيم الزوج وتبجيلُهُ في عين الزوجة، وجعل حقوق احترامه عليها حتّى ورد في بعض الروايات عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»(1).

وهذا يعني: أنّ الإسلام يحاول أن يحرّك الزوجة عاطفيّاً نحو التجاوب مع الزوج؛ حفاظاً على حبل المودّة والاُلفة عن طريق تحسيسها بعظمة الزوج باعتباره أقوى الموجودَيْن وأفضلهما.

الثاني: محاولة الإسلام لتحريك الزوج نحو التجاوب مع زوجته والحفاظ على مصالحها عن طريق إشعارها بعاطفته وترقيقها أمام الزوجة باعتبارها أضعف الموجودَيْن كما ورد عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «اتّقوا الله في الضعيفين. يعني بذلك: اليتيم والنساء»(2)، وورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة»(3)، وورد عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إنّما المرأة لعبة، من اتّخذها فلايضيّعها»(4)، وورد عن أبي  جعفر (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أيضرب أحدكم المرأة، ثُمّ يظلّ معانقها!!»(5)، وورد عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»(6)، وعنه (صلى الله عليه و آله): «أوصاني جبرئيل بالمرأة حتّى ظننت أنّه لاينبغي طلاقها، إلّا من فاحشة مبيّنة»(7)، إلى غير ذلك.

الثالث: أنّ الإسلام جعل الأعمال التي تقوم بها الزوجة خدمة للزوج في غير دائرة التمتُّع وفي غير الجوانب الراجعة إلى الحياة المشتركة أعمالاً استحبابيّة، ولم يجعلها حقوقاً واجبة، فخدمة الزوجة للزوج مثلاً في البيت من طبخ وغسل وماشابه ذلك تعتبر أمراً مندوباً إليه ولاتعتبر واجباً. فعدمُ تصعيد هذه الأعمال إلى مستوى الوجوب إضافة إلى اشتماله على الاحتفاظ بحقّ الحريّة للمرأة يشتمل على نكتتين اُخريين أيضاً:

إحداهما: ما سيأتي في بيان الأساس الخامس، والاُخرى: مرتبطة بهذا الأساس الرابع، وهي: أنّه لو كانت تلك الحقوق واجبة، لأصبحت الحياة الزوجيّة قائمة على أساس الصرامة والجبر، لاعلى أساس المودّة والصفاء والحبّ، وكانت علاقتهما أشبه شيء بعلاقة التاجر بعمّاله أو المالك بمملوكه في نظام الرقّ.


(1) الوسائل 14، الباب 81 من مقدّمات النكاح، الحديث 1.
(2) المصدر السابق، الباب 86 من مقدّمات النكاح، الحديث 3.
(3) المصدر السابق، الباب 87 من مقدّمات النكاح، الحديث 3.
(4) المصدر السابق، الباب 86 من مقدّمات النكاح، الحديث 2.
(5) المصدر السابق، الحديث 1.
(6) المصدر السابق، الباب 88 من مقدّمات النكاح، الحديث 8.
(7) المصدر السابق، الحديث 4.