المولفات

المؤلفات > منهاج الصالحين

339

 



مانعة عن تملّك شخص آخر له يبرز للمتّهب الإذن في تملّكه إيّاه بالحيازة، ويقبل المتّهب ذلك فيحوزه بالقبض.

أقول: إنّ هذا التحليل لعمليّة الهبة خلاف ما أفهمه من الروايات، وإنّما هذا تحليل لعمليّة النحلة، والدليل على ذلك صحيحة أبي بصير المرويّة بطريق الشيخ التامّ، وطريق الصدوق التامّ، قال: «قال أبو عبدالله(عليه السلام): الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض، قُسّمت أو لم تقسّم، والنحل لا يجوز حتّى تقبض، وإنّما أراد الناس ذلك فأخطأوا». الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من الهبات، ح 4، ص 233.

فهذا الحديث ـ كما ترى ـ يدلّ على أنّ روح النحلة عبارة عن رفع المالك المانع عن تملّك المنحول له المال بالاستيلاء عليه، أمّا الهبة فليست إلّا تمليكاً وتملّكاً بالعقد.

وتؤيّد هذا التفسير للنحلة الآية الشريفة، وهي الآية الرابعة من سورة النساء: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْء مِّنْهُ نَفْسَاً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً﴾. فيبدو أنّ الآية تعني: أنّ صدُقات النساء الدائمات نحلة لهنّ، وليست هبة كما هو واضح، وليست في مقابل البضع كمافي المتمتّعات بهنّ اللاتي هنّ مستأجرات، وليست مقوّمة لعقد النكاح، ولهذا يجوز عقد النكاح بلا مهر وإن كان يتعيّن عندئذ لها مهر المثل.

وقد ورد في صحيحة صفوان بن يحيى قال: «سألت الرضا(عليه السلام) عن رجل كان له على رجل مال فوهبه لولده، فذكر الرجل المال الذي له عليه، فقال: إنّه ليس عليك منه شيء في الدنيا والآخرة، يطيب ذلك له، وقد كان وهبه لولد له؟ قال: نعم، يكون وهبه له ثُمّ نزعه، فجعله لهذا». الوسائل، نفس المجلّد، ب 2 من نفس الأبواب، الحديث الوحيد في الباب، ص 230.

فهذه الصحيحة صريحة في صحّة هبته لذاك الدين أوّلاً لولده، ولكن نزعه أخيراً فجعله لنفس المدين، في حين أنّ ولده لم يكن قد قبض المال حتّى بالمعنى الذي مضى نقلنا له عن اُستاذنا الشهيد من تسليطه على ذمّة المدين، وإخضاع المدين له.