المولفات

المؤلفات > منهاج الصالحين

10

نميّز بين مجالين لتطبيق النظريّة الإسلاميّة للحياة: أحدهما: تطبيق النظريّة على مستوى الحلول والإجابات ذات العلاقة بالمجال الفرديّ بالقدر الذي يتّصل بسلوك الفرد وتصرّفاته وما يواجهه في حياته اليوميّة، والآخر: تطبيق النظريّة على مستوى الحلول والإجابات ذات العلاقة بالمجال الاجتماعيّ ومشاكل حياة الجماعة البشريّة وعلاقاتها الاجتماعيّة اقتصاديّة وسياسيّة.

وحركة الفقه بسبب ظروف تاريخيّة قاهرة عانت الانكماش في هدفها فلم تستهدف كلا مجالي التطبيق على حدّ سواء، واتّجهت في هدفها نحو المجال الأوّل فحسب، واقتصرت في الأغلب على معالجة ما يتّصل بسلوك الفرد وما يواجهه في حياته اليوميّة تأثّراً بظروف العزلة التي مرّت في حقبات التاريخ حيث واجه الفقه الإماميّ عزلاً سياسيّاً عن المجالات الاجتماعيّة نتيجة لارتباط أجهزة الحكم ومؤسّساته في العصور الإسلاميّة المختلفة وفي أكثر البلاد الإسلاميّة بالفقه السنّيّ ورجالاته الذي عمّق على مرّ الزمن شعوراً لدى الفقيه الإماميّ بأنّ مجاله الوحيد الذي يمكن أن ينعكس عليه فقهه من واقع الحياة ويستهدفه منها هو مجال التطبيق الفرديّ. وهكذا بسبب الانكماش في الهدف ارتبط الاجتهاد بصورة الفرد المسلم في ذهن الفقيه الإماميّ، لا بصورة المجتمع المسلم، واتّجه ذهن الفقيه حين الاستنباط غالباً إلى الفرد المسلم وحاجته إلى التوجيه بدلاً عن الجماعة المسلمة وحاجتها إلى تنظيم حياتها الاجتماعيّة، وهكذا وجد الإهمال في الساحة الفقهيّة للمواضيع ذات الصلة بالجانب التطبيقيّ الاجتماعيّ من حياة الاُمّة.

وقد امتدّ أثر الانكماش في الهدف وترسّخ النظرة الفرديّة إلى الشريعة أحياناً إلى طريقة فهم النصّ الشرعيّ أيضاً، لذا نجد صعوبة لدى البعض في استظهار مبدأ ولاية الفقيه المطلقة من النصوص الشرعيّة أو استغراباً فقهيّاً من الإفتاء بها، والغفلة عن فهم شخصيّة النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو الإمام(عليه السلام) كحاكم ورئيس للدولة، فإذا ورد أمر أو نهي عن النبيّ مثلاً كنهيه أهل المدينة عن منع فضل الماء فُهِمَ أنّه: إمّا نهي تحريم أو