وثانياً: قد احتجب هو(عليه السلام) كثيراً عن الشيعة حتّى تعوّدوا ـ كما ما هو المعروف ـ على الاتّصال به عن طريق المكاتبات والمراسلات الكتبيّة كما هو الحال مع الإمام المهديّ (سلام الله عليه) في أيّام الغيبة الصغرى، بل ذكر الحاجّ عادل الأديب (حفظه الله)(1) نقلاً عن كتاب (إثبات الوصيّة): أنّه قد بدأ الإمام الهادي(عليه السلام) بشكل بسيط بهذا الاُسلوب عندما احتجب عن كثير من مواليه، وأخذ يراسلهم عن طريق الكتب والتوقيعات ليعوّد شيعته على هذا المسلك بشكل متدرّج بطيء.
ومن الطَريف أنّ الإمام العسكريّ(عليه السلام) كان بابه هو عثمان بن سعيد العمري(2)، أي: أوّل نائب من النوّاب الأربعة لولده المهدي ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ في أيّام الغيبة الصغرى، فهكذا تعمّد التشابه بين طريقته في التعامل مع الشيعة في زمانه وطريقة الإمام المهدي(عليه السلام) في التعامل معهم، كي لا يستوحشوا ويمشوا على نفس المنهج الذي أنسوا به.
وثالثاً: بدأ(عليه السلام) بتثقيف الشيعة بثقافة الغيبة، وأطرف ما رأيته بهذا
(1) في كتابه (الأئمّة الاثناعشر): 245.
(2) راجع بحار الأنوار 50: 238، آخر الصفحة، بل وكان أيضاً باباً لعليّ الهادي(عليه السلام). راجع البحار 51: 344.