المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية

8

وأورد على ذلك اُستاذنا الشهيد رحمه الله:

أولاً: بأنّ هذا المقدار من البيان لايثبت إطلاق حجية البيّنة لسائر الموضوعات بمقدّمات الحكمة؛ لأنّ الرواية وإن دلّت عندئذٍ على حجية البيّنة في الجملة، ولكن بما أنّها لم تكن بصدد بيان حجية البيّنة مباشرة، بل فرضت حجية البيّنة أمراً مفروغاً عنها وأخذتها في موضوع القضاء، إذن فلا تجري مقدّمات الحكمة لإثبات الإطلاق.

وثانياً: أنّه لو ثبت أنّ الرواية بصدد جعل حكم القضاء والحجية القضائية وقد أخذت في موضوع هذه الحجية حجية شهادة العدلين ـ لأنّ البيّنة بمعنى الحجية، وهي مطبقّة يقيناً في عمل الرسول صلى الله عليه وآله على شهادة العدلين ـ لأمكن أن يقال: إنّ حجية البيّنة إذن ثابتة في الرتبة السابقة على الحجية القضائية، فهي حجة مطلقاً، لا في خصوص باب القضاء، ولكن هذا غير ثابت؛ إذ من المحتمل أنّ الرسول صلى الله عليه وآله إنّما هو بصدد الإخبار بأنّه لا يقضي  بالواقعيات، وإنّ ما يقضي  بالبيّنات  والأيمان « ولعلّ بعضكم ألحن بحجته من بعض،. فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له به قطعة من النار »، وقد طبق البيّنة عملاً على شهادة العدلين، وهذا يعني حجية شهادة العدلين. أمّا كونها حجية مفروغاً عنها في الرتبة السابقة على حجية القضاء حتى يدّعى عندئذٍ أنّ هذا يعني حجية البيّنة على الإطلاق لا في خصوص باب القضاء فلم يثبت، فكم من فرق بين أن يقول مثلاً: جعلت الحجية للقضاء بما هو حجة وأن يقول مثلاً: إنّي لا أعتمد في القضاء على علم الغيب بل على الحجة، فالأول تستفاد منه فرض الحجية في المرتبة السابقة على الحجية القضائية، بخلاف الثاني (1).


(1) بحوث في شرح العروة 2: 81 ـ 82.