المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية

13

ودلالة هذا الحديث قابلة للمناقشة؛ وذلك لأنّ جهة السؤال في كلام السائل مردّدة بين أمرين، فبناء على أنّ إجمال السؤال في مثل ذلك يسري إلى الجواب ـ لا أنّ ترك الاستفصال يوجب انعقاد الإطلاق ـ يصبح الجواب مجملاً، والاحتمالان مايلي:

أحدهما: كون المقصود: السؤال عن حجية خبر الثقة الذي أخبر بوصية المتوفّى.

والثاني: كون السائل فارغاً عن أنّ المخبر صادق في إخباره إلا أنّ الوارث ـ وهو أخوه مثلاً ـ غير مطلع على هذه الوصية، فلو اطلع على قصة هذا الرجل لطالب بالبيّنة وهو لايمتلك بيّنة، أو طالبه بالحلف مثلاً مادام لا يمتلك بيّنة، وقد لايرغب هو في الحلف مثلاً، وإنّما لم يطالبه بالبيّنة ولا بالحلف لأنّه غير مطلع على أصل وجود مال لأخيه لدى هذا الرجل، فهل من حقه أن يعمل بما علمه من الوصية من دون إخبار أخيه ؟. أو ليس من حقه ذلك قبل تصفية الحساب مع من لو اطلع على الأمر لكان له رفع القضية إلى حاكم الشرع ؟. فأجاب الإمام (عليه السلام) بأنّه تصدّق بعشرة دنانير.

وجه آخر لحجية خبر الواحد في الموضوعات:

وهناك وجه آخر لإثبات حجية خبر الثقة في الموضوعات بالروايات؛ وذلك عبارة عن التمسك بروايات كفاية شاهد واحد مع اليمين من قِبل المدّعي في حقوق الناس أو في الحقوق المالية أو في الديون (1) وذلك بدعوى أنّ هذا يعني أنّ المدّعي حينما يقيم شاهداً واحداً على مدّعاه ينقلب منكراً، فيطالب باليمين، ولا وجه لانقلابه إلى المنكر عدا أنّ خبر الواحد حجة في الموضوعات، فيصبح كلامه مطابقاً للحجة، والمنكر هو الذي يطابق كلامه الحجة.

ولكن قد وقع في بعض هذه الروايات أنّ هذا حكم مخصوص بموردها، ولا يرد في حقوق الله، من قبيل: ما جاء في حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال « لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس، فأمّا ما كان من حقوق الله عزّوجلّ أو رؤية الهلال فلا » (2).


(1) راجع: الوسائل 27: 257 ـ 258، ب 13 من كيفية الحكم، ح 4،..
(2) المصدر السابق 27: 268، ب 14 من كيفية الحكم، ح 12.