المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

8

وأمّا القول بأنّه بعد أن كان الأصل في تعارض الفتوى هو التساقط لدى التساوي فتعيين فتوى أعلم العلماء من الأولين والآخرين من الأحياء والأموات للتقليد يوجب ما يشبه فكرة وجود الإمام الثالث عشر، وهو خلاف ضرورة مذهب الشيعة، وبهذا تبطل الإطلاقات لو غضّ النظر عن الإشكال السابق وتثبت أيضاً بذلك مردوعية السيرة.

فهذا الكلام أيضاً لا يمكن المساعدة عليه، وأقلّ ما يرد عليه أنّ مشكلة لزوم فكرة وجود الإمام الثالث عشر لو كانت مشكلة واقعية، أمكن أن تكون كاشفة عن ردع السيرة أو تقييد الإطلاقات، ولكنّها ليست إلا مشكلة فرضية وخيالية لا واقعية؛ لأنّ الأعلم دائماً يكون في الخط الزمني الطويل في الأحياء، لا في الأموات. نعم، يمكن أن يكون في الفترات الزمنية القصيرة في الأموات، فالأعلم بين حين وحين يتبدّل حتماً، فلا يلزم الوقوع في مشكلة الإمام الثالث عشر، ولئن كان عنصر واحد في صالح أعلمية الأموات في خصوص من عاش قبل تدوين الجوامع، وهو احتمال إطلاعهم على روايات أو قرائن لسنا مطلعين عليها فباقي عناصر الأعلمية جميعاً تكون في الأحياء في المدى البعيد أقوى منها في الأموات.

نعم، لو صح الإشكال السابق في الأدلّة اللفظية، وهو أنّ الأخذ من الميت غير معقول أو أنّ العناوين المذكورة في الأدلّة لا تصدق على الأموات وافترضنا أنّ ذلك يوجب دلالة الأدلّة اللفظية على عدم جواز تقليد الميت لفقدانه تلك العناوين أو لعدم صدق الأخذ منه فقد يقال: إنّ تلك الأدلّة اللفظية رادعة عن الارتكاز والسيرة اللذين لا يفرّقان بين الحي والميت في التقليد.

ولكن السيد الخوئي رحمه الله أبطل بنفسه هذه الرادعية ببيان أنّ تلك الأدلّة وإن كانت ظاهرة في اشتراط الحياة في المفتي لكنّها ليست بذات مفهوم حتى تنفي جواز تقليد الميت.